تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أسباب انتقال شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب من حريملاء إلى العيينة]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[27 - 12 - 06, 02:41 م]ـ

تحرير الصواب

في

أسباب انتقال شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب

رحمه الله من حريملاء إلى العيينة كما يرويها التاريخ

المعاصر لذلك الحدث

الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، و بعد.

فقد روى ابن بشررحمه الله في تاريخه ـ الذي انتهى فيه إلى حوادث عام 1267هـ ـ سبب انتقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب من حريملاء إلى العيينة عام 1157هـ قائلاً:

(و كان في البلد عبيدٌ لإحدى القبيلتين كثيرٌ تعدِّيهم و فسقهم، فأراد الشيخ أن يُمنعوا عن الفساد و ينفُذَ فيهم الأمرُ بالمعروف و النهي عن المنكر، فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ و يقتلوه بالليل سراًّ، فلمَّا تسوَّروا عليه الجدار علم بهم أناسٌ فصاحوا عليهم فهربوا، فانتقل الشيخ بعدها إلى العيينة)، و لم يُسَمِّ العبيد المذكورين.

وسمَّاهُم الحيدري العراقي في تاريخه الذي انتهى منه عام 1286هـ (بالحميَّان)، و يظهر أنه ينقل عن تاريخ ابن بشر في مبيضته الأولى.

بينما لم يروِ ابن غنام تلميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب و معاصره، و المؤرخ الأول للدعوة الإصلاحية في تاريخه (روضة الأفكاروالأفهام) هذه الرواية، بل ذكر سبباً آخر لانتقال الشيخ قائلاً:

(ثم بعد ذلك عزم على المسير عنها و الارتحال، والإقامة بالعيينة، فجدَّ بالرحيل و الانتقال، و ذلك بعد أن هدى الله ابن معمر لقبول هذا الدين)، كما في الطبعة الأولى و التي طبعت في الهند عام 1337هـ.

والعجيب أنَّ ناصر الدين الأسد محقق الطبعات اللاحقة لتاريخ ابن غنام ــ و الذي أعاد صياغته من جديد تحاشياً لأسلوب الترصيع و السجع الذي انتهجه ابن غنام لدى كتابة تاريخه ـ أدرج قصَّةَ العبيد المذكورين على لِسان ابن غَنّ‍َام الذي لم يذكرها أصلاً.

و لا يخفى عدم صحة هذه الرواية التي أوردها ابن بشر، فدعاة الحق و الاصلاح "ـ مُذ كانوا ـ يجابهون بأعظم من هذا فيصبرون، و يزدادون قوةُ و عزماً، فلذلك يترجح لدى الباحث المتأمل عدم صحة هذه الرواية لعدة أمور، منها:

1 ـ أنَّ الشيخ ابن غنام لم يذكر هذه القصّة في تاريخه كما ذكرنا، و هو من أخص تلاميذه و المؤرخ المعاصر له.

2 ـ أنَّ هذه القصَّة لم يذكرها أحدٌ من المؤرخين قبل ابن بشرالمتوفي عام 1290هـ.

3 ـ أن الشيخ ابن غنام ذكر سبباً آخر لانتقال الشيخ من حريملاء، و هو هداية الله عز و جل لابن معمر لدخول هذا الدين، و هو أمير العيينة قصبة نجد آنذاك، وأكبر بلدانها.

4 ـ انقطاع سند هذه القصَّة لأنَّ الشيخ ابن بشر يروي هذه القصَّة مرسلةً عن بواكير دعوة شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب، و لم يتابع فيها أحداً من المؤرخين، بل هو أول رواتها، و هو غير معاصر للشيخ كما هو معلوم.

5 ـ أنَّ الشيخ ابن بشر رحمه الله تساهل في ذكر ما لم يثبت عنده من الروايات عن نشأة الدعوة و بداياتها، يحدوه في ذلك إيمان عميق و اهتمام خاصَّ بكل ما يُظهِر ما عاناه الشيخ رحمه الله في سبيل الدعوة.

6 ـ رجوع الشيخ ابن بشر عن بعض تلك الروايات، و هي رواية خروج الشيخ من العيينة و محاولة ابن معمَّر التخلص منه، فقد ذكر في المبيضة الثانية لتاريخه عدولَه عن هذه الرواية عندما تبين له عدم صحتها، فقال: (اعلم رحمك الله أني ذكرتُ في المبيضة الأولى أشياء نقلت لي عن عثمان بن معمر و فرسانه، أنه أمرهم بقتل الشيخ في الطريق و غير ذلك، ثم تحقق عندي أنه ليس لها أصلاً بالكليَّة فطرحتها من المبيَّضة)، وهذا ممَّا يدلُّ على توخِّي ابن بشر رحمه الله للحقيقة في كل ما يرويه.

7 ـ أنه لا تُعرف أسرةٌ في حريملاء باسم (الحميَّان) كما أسماهم الحيدري في تاريخه نقلاً عن ابن بشر، و هذا يدل على ضعف الرواية المذكورة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير