تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

8 ـ أن بلدة حريملاء كانت مناصرةً للشيخ إبَّان إقامته فيها، بل وكانت موئلاً لدعوته الاصلاحية، و ألَّف فيها كتابه القيم (التوحيد) و الذي شنَّ فيه على أهل البدع و الشرك، فما بال هؤلاء العبيد المذكورين يؤذون الشيخ رحمه الله، حتى يلجؤوه إلى الخروج من البلدة، و هذا يجرُّنا إلى التطرق إلى الحالة الدينية في بلدة حريملاء.

ـ فأولاً قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب:

لم ينتقد الشيخ رحمه الله في رسائله الدعوية و آثاره العقدية أية مظاهر شركية في بلدة حريملاء، فلم يذكر أن فيها أوثاناً أو أضرحة أو غيرها من نواقض التوحيد، كما انتقد ذلك في كثيرٍ من بلدان نجد، بل يدل حديث شيخ الاسلام نفسه عن حريملاء في كتابه (مفيد المستفيد) على أنها كانت بمنأى عن مظاهر الوثنيَّة التي ظهرت في بعض قرى الجزيرة العربية.

ـ ثانياً: عند إقامة شيخ الاسلام رحمه الله في حريملاء:

قال ابن غنام: (ثم رجع بعد ذلك السفر، فإذا والده عبدالوهاب قد رفض سكنى العيينة وهجر، و اختار سكنى حريملاء، فأقام بها و استقر، فأقام مع أبيه، يعلن بالتوحيد و يبديه، و ينادي بإبطال دعوة غير الله و يغشيه، و ينصح من عدل عن الحق و الرشاد، و يسلك في ذلك سبيل السداد، و يزجر الناس عن الشرك و الباطل و الفساد حتى رفع الله شأنه فساد ـــ حتى بدا له في أفق تلك البلدة طالع القبول و لمع فيه بارق سيف الحق المسلول و انحط ذُرى الضلال و انقطع حبله الموصول ـ فانتظم في سلك الإمام رجالٌ و عصابةٌ فحول، فاتخذوه جليساً و أنيساً، و اقتدوا به في كلِّ ما يقول، فكانوا لطريقته المثلى متبعين، و بأقواله و أفعاله مقتدين و بهديه الواضح مهتدين، لا يزالون معه في إخلاص الدعوة مشمرين، و في إدحاض الباطل و أهله مجتهدين، وز بإيضاح مناهج الشرك معلنين، و فيما يرضي الله مسرعين، و لأهل الدين و الحق مكرمين، و لأهل الضلال موهنين ـــ قائمين في ذلك لرب العالمين و لوجهه الكريم محتسبين ــ و كان هؤلاء الرجال ملازمين للشيخ في جميع الأحوال، و كان في تعليمهم و ارشادهم لا يزال، فقرؤوا عليه كتب الحديث و الفقه و التفسير، و حقق لهم ذلك أتم التحقيق و التحرير).

و كانت حريملاء أيضاً ترحِّب بالوفود التي تقدُمُ حريملاء مؤازرةً الشيخَ و ناهلةً من بحر علمه الغزيز، يقول ابن غنام: (و كان رحمه الله في تلك المُدَّة يروِّعُ كلَّ معاند، و معارض، فاشتُهِر حالُه في جميع بلدان العارض، في حريملاء و العيينة و الدرعية و الرياض و منفوحة، فلم يكن لبعضهم عن اتباع ذلك الحق مندوحة ـ فأتى إليه ناسٌ كثير، و انحازَ إلى دعوته جمٌّ غفير)

إلى أن قال: (و أقام رحمه الله تعالى و أفاض عليه برَّه ووالى، في بلد حريملاء سنين ينشر أعلام التوحيد، و يبدي في المحافل الدر النضيد و جوهر الحق الفريد، و صنف في تلك المدَّة كتاب التوحيد، و نشر أعلامه ثم بعد ذلك عزم على المسير عنها و الارتحال والإقامة بالعيينة، فجدَّ بالرحيل و الانتقال، و ذلك بعد أن هدى الله ابن معمر لقبول هذا الدين).

ـ ثالثا ـ بعد انتقال شيخ الاسلام إلى العيينة فالدرعيَّة ـ:

كانت حريملاء هي أول بلدة بايعت الشيخ محمد بن عبدالوهاب بعد انتقاله إلى الدرعيَّة، و كان ذلك طوعاً عام 1158هـ، لما انتقلت دعوة الشيخ من القوة إلى الفعل، فكانت بلدة حريملاء هي السباقة في هذه المرحلة كما كانت في المرحلة السابقة، و ساهمت حريملاء بقوَّة و تضحية في غزوات الجهاد التي قادتها الدرعية ضدَّ البلدان التي لم تستجب للدعوة الاصلاحية.

ففي ربيع الأول من عام 1160هـ كانت وقعة (دلقة) بين الإمامِ محمدٍ بن سعود ودهامِ بن دواس وقُتِل فيها من أهلِ حُريملاء التي تجندت للدعوة السلفية سليمانُ الزير وحمودُ بن حسين بن داود، وحسن الثميري، و (أبو منيس) حمدُ بن محمد بن سليمان آل راشد الذي التقى بدهام و تمكَّن منه لولا أنه أُغتِيلَ مِن خلفه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير