تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: هو أن إيران والعراق كانتا تحكم من قبل التركمان "الآق قونيلو"، وكان العراق قد حكم من قبل قبائل التركمان "القرة قونيلو" والشاه إسماعيل كان أتباعه الصوفية والذين سموا بـ "القزلباشية" هم مجموعة قوية من العشائر التركمانية هم: "شاملو، قاجار، تكلو، ذو قدر، افشار، روملو"، وهؤلاء كانوا على شكل الميليشيا الصوفية المتشيّعة، وكان له جيشاً فاتكاً، فتك بأهل السنة الشافعية في بلاد إيران، وكان للصفويين تأثير روحي على أتباعهم؛ وتذكر بعض المصادر الشيعية الفارسية إنه بينما كان الشاه إسماعيل مع أتباعه الصوفية في الصيد في منطقة "تبريز" إذ مر بنهر فعبره لوحده ودخل كهفاً ثم خرج متقلداً بسيف وأخبر رفقاءه أنه شاهد في الكهف "المهدي" صاحب الزمان، وأنه قال له: "لقد حان وقت الخروج"، وأنه أمسك ظهره ورفعه ثلاث مرات ووضعه على الأرض وشد حزامه بيده ووضع خنجراً في حزامه وقال له: اذهب فقد رخصتك ([9]).

ثم بعد ذلك بقي الشاه إسماعيل متردداً وقلقاً حتى رأى علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام وقال له: "ابني .. لا تدع القلق يشوّش أفكارك .. احضر "القزلباشية" مع أسلحتهم الكاملة إلى المسجد في "تبريز" وأمرهم أن يحاصروا الناس .. وإذا أبدى هؤلاء أية معارضة أثناء الخطبة باسم أهل البيت فإن الجنود ينهون الأمر" ([10]). وفعل الشاه إسماعيل ما طلب منه في الجمعة مع أتباعه القزلباشية، وحاصر جامع تبريز وأعلن سيادة المذهب الإمامي الاثني عشرين بقيادة الدولة الصفوية.

وسبب هذه الدعوى هو التحرر من فكرة "التقية والانتظار" إلى خروج المهدي والتي بقي علماء الشيعة يحملونها كأحد المبادئ الرئيسية، وهو ترك الجهاد والصراع العسكري إلى ظهور المهدي. ثم لما أرادوا الخروج من هذه الفكرة اخترعوا مجموعة أخرى من الأفكار والخرافات كي يبرروا خروجهم من المذهب.

ويحلل الكاتب "راجرسيوري" ذلك بأن الصفويين اعتمدوا على فكرة الحق الإلهي للملوك الإيرانيين قبل الإسلام منذ سبعة آلاف سنة، وذلك بوراثة هذا الحق، وعندما تزوج الحسين بن علي رضي الله عنه بنت ملك الفرس "يزدجرد" بعد معركة القادسية وأولدها الإمام زين العابدين "علي" اجتمع حقان: حق أهل البيت في الخلافة (حسب نظرية الإمامية) ([11])، وحق ملوك إيران، بالإضافة إلى نيابة المهدي. هذا من جانب التشيع.

أما الجانب الصوفي فقد زوّد الفكر الصفوي بالمنامات، فيذكر الصفويون أن أحد شيوخ الصوفية وهو الشيخ زاهد الكيلاني، والذي تربى على يده جدهم "صفي الدين الأردبيلي" تنبأ على أثر رؤية لصفي الدين الأردبيلي "أن ملك هذا الزعيم سيملكون العالم، ويترقون يوماً بعد يوم إلى زمان القائم المهدي المنتظر ([12]).

وللرؤى والكشوفات تأثير ساحر في عالم التصوف، لذا فقد أثرت هذه النبوءة على القزلباشية وكان يتصورون أن ملك الصفوييون سيستمر حتى ظهور المهدي؛ لذا اهتزت هذه النظرة بعد موقعة "جالديران" بين الشاه إسماعيل والسلطان العثماني سليم سنة (920هـ/1512م)، وهزيمة الشاه إسماعيل، فبدأ الصراع يدب بين القزلياشية ونشأ تقاتل بينهم بعد اهتزاز هذه العقيدة في عقولهم ([13]).

والشاه إسماعيل كان يجمع بين التعصب المذهبي والغلو والتكفير وبين الدموية ([14])، فقد نقل عنه قريبه إبراهيم صبغة الله الحيدري في "عنوان المجد" (ص119) أنه أكثر القتل حتى قتل ملك (شروان) وأمر أن يوضع في قدر كبير ويطبخ وأمر بأكله ففعلوا (أي القزلباشية)، وكان لا يتوجه لبلاد في إيران إلا فعل أشياء يندى لها الجبين من قتل ونهب حتىقتل من أعاظم علماء العجم "السنة" وحرّق كتبهم وانهزم كثير من العلماء، منهم جد مؤلف "عنوان المجد" على بلاد الأكراد السنية في بلاد العراق.

ثم أمر الشاه إسماعيل الجنود بالسجود له. وكان من دمويته أن ينبش قبور العلماء والمشايخ "السنة" ويحرق عظامهم، وكان إذا قتل أميراً من الأمراء أباح زوجته وأمواله لشخص ما.

وكان أتباعه يقدسونه ويعتقدون أنه لا ينكسر ولا يقدر عليه أحد ([15]).

هذا هو مؤسس الدولة الصفوية (إسماعيل شاه) التي تعد الدولة المؤسسة لكل دول الشيعة الاثني عشرية فيما بعد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير