تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الممكن جدا أن يكون الشيخ قد رمى إلى تشجيع الشباب من قراء الشهاب إلى التفكير في الانقلاب على الأوضاع السائدة وأن لا يرضخوا إلى الواقع المر الذي فرضه الاستعمار الفرنسي، على أنه قدر لا مفر منه ولا مخرج إلا بظهور المهدي، وكأني بابن باديس يقول لأمته المغلوبة المقهورة بلغة ذكية انهضي وقومي على هذا الاستعمار أليس في الجزائريين من يمكن أن يكون مثل مصطفى كمال في الثورة على العدو؟! ويؤيد هذا الاحتمال أن الشيخ في عام 1924م نفسه لما كتب عن الدعوة الوهابية، قال في أثناء مقاله الثاني:» ويجب أن نعلن بأن الفضل الأول في هذا كله للرجل الكريم والبطل العظيم السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود الذي لا نشك أنه سيكون إن شاء الله تعالى في تاريخ العرب ما كان لمصطفى كمال في تاريخ الترك، فالأمة العربية اليوم تعتبر هذا الأمير العظيم زعيمها الحقيقي الوحيد، وتعلق عليه الآمال الكبار «([1]). [1] / الآثار (5/ 31).

ولا يقولن قائل إن في تزكية في هذا المقال لمصطفى كمال تغرير بالناس، لأننا نعتبر هذا الكلام ضربا من الوسوسة، ولقد كان هذا ممكنا لو كان ابن باديس هو الوحيد الذي فُوِّض إليه أمر الكتابة والتحدث عن مصطفى كمال، وكذا لو كان ابن باديس لم يبين انحرافه في مجال الدين بل وكفره، وهو إذا كتب –كما كتب غيره-لم يكن في حاجة إلى تكرار كل ما قيل عن مصطفى كمال، وإنما هو يكتب في أشياء معينة قصد بيانها، ومع ذلك نجده يحترز ويدخل في مقاله عبارات تدفع تلك الأوهام، فقد تكلم عن الخلافة يوما فقال:» فيوم ألغى الأتراك الخلافة –ولسنا نبرر كل أعمالهم –لم يلغوا الخلافة الإسلامية بمعناها الإسلامي، وإنما ألغوا نظاما حكوميا خاصا بهم، وأزالوا رمزا خياليا فتن به المسلمون لغير جدوى، وحاربتهم من أجله الدول الغربية المتعصبة والمتخوفة من شبح الإسلام «.الآثار (5/ 382).

فإن قيل كان الواجب على الشيخ أن يبين حال مصطفى كمال الذي مدح فيه هذه الصفات، يقال هذا المطلوب توضيحه كان واضحا رآه الأعمى بعينه في ظلمة الليل الحالك، وهل نحتاج ونحن نذكر بعض محاسن أبي الحسن الأشعري -كرده على المعتزلة وفضحهم في باب القدر وغيره- أن نقول لكن احذروا هو ليس بسلفي وإنما هو أشعري!! إن هذا لون من البلادة، ولهذا جواب آخر يظهر في هذا المقال الآتي وهو أن ابن باديس قد شرح موقفه من إسقاط الخلافة فلم يحتج إلى تكرار.


[1] / الآثار (5/ 31).

ـ[محمد حاج عيسى]ــــــــ[11 - 02 - 07, 05:43 م]ـ
ومن الممكن جدا أن يكون الشيخ قد رمى إلى تشجيع الشباب من قراء الشهاب إلى التفكير في الانقلاب على الأوضاع السائدة وأن لا يرضخوا إلى الواقع المر الذي فرضه الاستعمار الفرنسي، على أنه قدر لا مفر منه ولا مخرج إلا بظهور المهدي، وكأني بابن باديس يقول لأمته المغلوبة المقهورة بلغة ذكية انهضي وقومي على هذا الاستعمار أليس في الجزائريين من يمكن أن يكون مثل مصطفى كمال في الثورة على العدو؟! ويؤيد هذا الاحتمال أن الشيخ في عام 1924م نفسه لما كتب عن الدعوة الوهابية، قال في أثناء مقاله الثاني:» ويجب أن نعلن بأن الفضل الأول في هذا كله للرجل الكريم والبطل العظيم السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود الذي لا نشك أنه سيكون إن شاء الله تعالى في تاريخ العرب ما كان لمصطفى كمال في تاريخ الترك، فالأمة العربية اليوم تعتبر هذا الأمير العظيم زعيمها الحقيقي الوحيد، وتعلق عليه الآمال الكبار «([1]). [1] / الآثار (5/ 31).

المطلب الثاني: مقال براءة الذمة
قال ابن باديس رحمه الله: «إن الإسلام لا يقدس الرجال وإنما يسير الأعمال، فلئن والينا الكماليين بالأمر حناهم، فلأنهم يذبون عن حمى الخلافة وينتشلون أمة إسلامية عظيمة من مخالب الظالمين، وقد سمعناهم يقولون في دستورهم» إن دين الدولة الرسمي هو الإسلام «ولئن تبرأنا منهم اليوم وعاديناهم فلأنهم تبرؤوا من الدين وخلعوا خليفة المسلمين، فكانوا ممن عمل بعمل أهل الجنة حتى لم يبق بينه وبينها إلا ذراع فعمل بعمل أهل النار فكان من الخاسرين، وإنما الأمور بخواتمها والعاقبة للمتقين. ما كنا قط نجهل عقيدة الشبيبة التركية المتفرنجة ولا مبادئها اللادينية وكيف يجهل ذلك منها، وقد حفظ التاريخ في متون الصحف وبطون المجلات خطب زعمائها بالتأفف من الدين والغمز في مبادئ الإسلام من خطب زعماء الاتحاديين إلى آخر خطبة رأيناها في جريدة الأهرام من خطب كمال، أم كيف تخفى مقاصدهم وقد فتحوا عهد دستورهم بعد عبد الحميد بمحو كلمة الشهادة من رايات الجيش وختموها هاته الأيام بنبذ النظام العائلي الإسلامي في مسائل الزواج وإباحتهم التبرج للنساء واختلاطهن بالرجال في المراسم والمراقص ومحلات العموم، والفصل بين السلطة الروحية والزمنية مما قلدوا فيه بابوية روما ولا حقيقة له في الإسلام، لا والله ما كانت تخفى علينا عقائدهم ولا مقاصدهم، وإنما كنا نغض الطرف عن شرورهم ومفاسدهم ساكتين عن ذكر مقابحهم إبقاء للوحدة الإسلامية التي اتجهت نحوهم، ولمًّا لشعث المسلمين حول سيرة خليفتهم وتأييد الأمة التركية خادمة الملة التابعة لهم وإرغاما لأعداء المسلمين بهم وكنا مع هذا ننتظر لهم فئة منهم أو أغلبية المعدلين عليهم، وما كنا نحسب أبدا أن يقدموا على إبطال الخلافة ويعلنوا بما هو كفر بواح، لكنه للأسف قد قضي الأمر ووقع ما لم يكن في الحسبان ففعلوا فعلاتهم الشنعاء وجاءوا للإسلام بالدويهات الدهياء فتوالت قراراتهم المشؤومة يحملها البرق في أقطار المعمورة من إبطال الخلافة ونفي الخليفة وآل عثمان ورفض الدولة للديانة وإبطال المحاكم الشرعية وغلق المدارس الدينية وغير ذلك من المنكرات فمرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية وجنوا على الإسلام عدة جنايات.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير