تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مقدمة في السيرة الصحيحة للدكتور أكرم ضياء العمري (منقول)]

ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[19 - 03 - 07, 07:17 ص]ـ

http://www.islamweb.net.qa/ShowPic.php?id=11755 إن الاهتمام بكتابة السيرة النبوية ظهر مبكرًا في تاريخ الإسلام، وقد تناولها بالتصنيف المؤرخون والمحدثون في القرون الأولى.

وتمتاز كتابات المؤرخين مثل الواقدي والبلاذري بالعناية بمراعاة ترتيب الأحداث ترتيبًا زمنيًا وموضوعيًا، في حين تظهر التجزئة للأحداث في كتابات المحدثين الذين التزموا بقواعد الرواية وتمييز الأسانيد عن بعضها، وربما قطَّعوا الرواية الواحدة فخرَّجوا بعضها في مكان وبقيتها في مكان آخر لموضوعات (تراجم) مؤلفاتهم، كما يظهر ذلك جلياً في قسم المغازي الذي كتبه الإِمام البخاري ضمن صحيحه، ويظهر بصورة أخف

في صحيح الإِمام مسلم بسبب عنايته الخاصة بسرد المتون الطويلة وتحرير ألفاظها. لأنه أقل عناية من البخاري بتقطيع الرواية حسب تراجم كتابه.

وبعض المؤلفين جمع بين صفتي المحدث والمؤرخ مثل محمد بن إسحق وخليفة بن خياط، ويعقوب بن سفيان الفَسَوي، ومحمد بن جرير الطبري، وهؤلاء أفادوا من منهج المحدثين بالتزام سرد الأسانيد ومحاولة إكمال صورة الحادث عن طريق جمع الأسانيد أحياناً أو سرد الروايات التي تشكل وحدة موضوعية تحت عناوين دالة.

ولكن سائر الذين كتبوا في السيرة اهتموا بجمع ما أمكنهم من الروايات وتدوينها دون أن يشترطوا الصحة فيما يكتبونه، وأحالوا القاريء على الأسانيد التي أوردوها ليعرف الصحيح من الضعيف، ويشذ عن ذلك البخاري ومسلم حيث شرطا الصحة فيما روياه من روايات السيرة ضمن كتابيهما في الصحيح.

وكان المتخصصون في القرون الأولى يعرفون الرواة وأحوالهم والأسانيد وشروط صحتها، فكان بوسعهم الحكم على الروايات وتمييزها، لكن هذه المعرفة بالرجال والأسانيد لم تعد من أسس الثقافة في القرون المتأخرة، بل يندر أن تجد من يهتم بذلك من مثقفي هذا العصر، لذلك جاءت كتابات المعاصرين من الكتاب والمؤرخين خلواً من تمييز الروايات وفق قواعد مصطلح الحديث، ولكن كبار المؤرخين في عصرنا يترسمون مناهج (النقد التاريخي) الذي ظهر ونما في الغرب خلال القرنين الأخيرين، وهم يتعاملون مع روايات السيرة من خلال هذه المناهج النقدية التي وضعت بعد استقراء الكتابات التاريخية الغربية، ولم تكيف للتعامل مع الرواية التاريخية الإِسلامية التي لها سماتها الخاصة والتي من أبرزها وجود سلاسل السند التي تتقدم الرواية عادة، والتي يعتمد منهج المحدثين عليها بالدرجة الأولى في الحكم على الرواية بالصحة أو عدمها. مما أدى إلى ظهور مكتبة ضخمة مَعْنِيَّة بتراجم الرواة وبيان أحوالهم وإمكان التقائهم ببعضهم أو عدمه، والحكم عليهم من خلال استقراء مروياتهم بالإضافة إلى رأي معاصريهم فيهم، وهذه الثروة الهائلة من المعلومات والمكتبة النفيسة ظلت بمعزل عن الإفادة منها في الدراسات التاريخية المتعلقة بتاريخ الإسلام ومنها دراسات السيرة. وما أعظمها من خسارة أن نئد جهود المئات من كبار العلماء الذين قدموا لنا هذه الخدمة الخاصة بالتعامل مع " الرواية التاريخية الإِسلامية " بسبب جهلنا بقيمتها والتزامنا الحرفي بمنهج النقد التاريخي الغربي Historical Method .

وهنا تلزم الإِشارة إلى أن إهمال نقد الأسانيد في الرواية التاريخية الإِسلامية والاكتفاء بنقد المتون يوقعنا في حيرة أمام الرواية الكثيرة المتعارضة عندما تكون متونها جميعاً متفقة مع المقاييس والقواعد النقدية العقلية، وهذا يحدث مع كثير من تفاصيل الأحداث التأريخية، وخاصة المتعلقة بتاريخ صدر الإِسلام. إن ذلك يحتم على الباحث استعمال منهج المحدثين في نقد الأسانيد وإلا فإنه سيقف أمام العديد من المشاكل دون حل أو ترجيح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير