تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومنذ سقوط الإمبراطورية العثمانية لم تحسم قط في هذه البقعة من الدنيا قضية واحدة حسماً نهائياً) (23).

ويقول الدكتور ج. س.بادو: (مادام هناك ثمرة شهية متدلية من شجرة فإن قطافها سيغوي أحد الناس وهذا هو السر في تورط منطقة الشرق الأدنى في الشؤون العالمية) (24).

والمنطقة ليست ثمرة شهية للغرب والشرق من ناحية الثروات الطبيعية فقط بل لأنها مركز الصراع الحضاري فالغرب يعتبر (إسرائيل) امتداداً حضارياً له، وهو في صراع مع المسلمين فلابد إذن من مساعدة اليهود.

إن كثرة ذكر القرآن لليهود وتخصيصهم بالذكر هم والنصارى في سورة الفاتحة ليدل على أن الصراع بين المسلمين وبين هاتين الفئتين سيكون صراعاً طويلاً، كما يدل على أثر هاتين الفئتين في الأحداث العالمية، ومن يقرأ الكتب التي تتحدث عن أثر اليهود في السيطرة على كثير من المؤسسات والدول واستخدامهم - في سبيل ذلك - المال والنساء والصحافة والواجهات من جمعيات وأحزاب ذات لافتات براقة، من يقرأ هذا يشعر بأنهم يتلاعبون بالشعوب والأمم السادرة في غيها وضلالها، ومع أن هناك صيحات تحذير من هنا وهناك ممن عرفوا حقيقة مكرهم وتخطيطهم من وراء الستار، وأنهم هم سبب الكثير من الأزمات، الاقتصادية والسياسية، إلا أن هذه التحذيرات لم تعرقل أو تؤخر من سيطرتهم.

وأما الدول التي تسمي نفسها بالاشتراكية فهي ليست إلا ثمرة من ثمار اليهودي (ماركس) ومن ثمار المادية الأوروبية.

إن التفسير القرآني للتاريخ بمدافعة الأمم بعضها بعضاً هو أعم وأشمل من نظرية (التحدي) عند المؤرخ الانكليزي (توينبي) التي هي صادقة في جانب من جوانب التاريخ الإنساني، فإن تعرض أمة لخطر خارجي أو داخلي قد يظهر من طاقات أبنائها ما كان خامداً، فإن وقت الأزمات والمصائب هو الوقت الذي يفكر فيه الناس بالتغيير، ولكن أين هذه النظرية من تفسير القرآن الذي هو عملية مستمرة وصراع دائم بين الخير والشر ليتغلب الخير أو يخفف من الشر.

ثالثاً - ومن سنته تعالى في البشر أن الأمم التي تبطر معيشتها، وتعيش في الترف وتنهمك في الملذات، وتقارف ا لآثام والذنوب، لابد أن يصيبها العقاب إن آجلاً أو عاجلاً وسواء كان عذاباً مادياً حسياً أو عذاباً معنوياً.

قال تعالى: ((وإذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً)) [الإسراء:16] فهلاك القرى إنما يجيء بعد وجود طبقة المترفين الذين يفسقون فيها، والأمر هنا هو أمر قدري كوني، ولا داعي لتأويلها بأن الله سبحانه وتعالى أمر المترفين بأن يقيموا حدود الله فلم يقيموها فحق عليهم القول؛ لأن المترفين في الاصطلاح القرآني قد فسدت فطرتهم فلا يستحقون هذا التكريم (25).

وقال تعالى: ((ولَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ ولَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً)) [فاطر:45].

وقال: ((وقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ولَتَعْلُنَّ عُلُواً كَبِيراً * فَإذَا جَاءَ وعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وكَانَ وعْداً مَّفْعُولاً)) [الإسراء:4 - 5].

وقال تعالى: ((وكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ القُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً)) [الإسراء:17].

((ولَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا واتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِوالأَرْضِ)) [الأعراف:96].

وقد ثبت في الصحيحين لما نزل قوله تعالى: ((قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ)) قال - صلى الله عليه وسلم -:» أعوذ بوجهك «((أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)) قال:» أعوذ بوجهك «((أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ويُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)) قال:» هاتان أهون «(26).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير