فأنت ترى يا دكتور أن كل الكتب والوثائق التي ذكرتها لي لم تذكر يحيى السويدي بخير ولم تثني على ثورته، بل اعوانه كانوا مرتزقة ومن الاعراب الذين يعيشون على السلب والنهب .. وليست كما وصفتها بأنها ثورة الليبيين.
[4 - شارل فيرو , الحوليات الليبية منذ الفتح العربي حتى الغزو الايطالي , ترجمة محمد عبد الكريم الوافي , طرابلس – ليبيا , الطبعة الثانية , 983 , ص ص 154– 155.
وهذا المؤلف ينسب الشيخ يحيى يحيى السويدي الى بلدة تاجوراء دون غيرها , وكان رجلا ورعا شهد جور الأتراك العثمانيين على سكان طرابلس الغرب فثار من اجلهم.]
حري بنا أن نتأسى بالدكتور الطوير ونأخذ علم الانساب من كتب المستشرقين كشارل فيرو، فلا عجب فهم اعرف وادرى من مؤرخي وعلماء بلادنا كالعلامة البرموني والاستاذ عبد السلام بن عثمان وغيرهم الذين نسبوا يحيى السويدي إلى بلدة زرهون المغربية!!! وبل تاكيد – يا دكتور محمد – أن ورع يحيى وتقواه ينسجم تماما مع ماذكره فيرو في نفس الصفحات عن المذبحة التي ارتكبها في اهالي جبل نفوسة!!
[5 - أبو عبد الله محمد بن خليل بن غلبون , التذكار تحقيق الشيخ الطاهر احمد الزاوي , الطبعة الثانية 1967 , ص ص 144 – 145. وهذا المؤلف يعتبر من أقدم المصادر التاريخية التي كتبت عن تاريخ طرابلس الغرب بصفة عامة وحركة المقاومة التي قادها الشيخ يحيى يحيى السويدي.]
الاستاذ ابن غلبون لم يكن مصدرا لما يتعلق بفتنة يحيى، فهو لم يعاصر الفتنة ولم يكن ايضا قريب العهد منها، لذا تجده ذكر بشكل سريع احداث الفتنة دون تفصيل ودون ادنى اشارة لإجابيات ليحيى، بل على العكس اشار لكثرة جرائمه في بعض المدن كقوله (واكثر من قلتهم اهل يزليتن ومن حولهم) ا. هـ .. اما فصاحته وقدرته الخطابية وغيرها من النعوت التي نقلها ابن غلبون وإلتفاف الناس حوله في بداية امره فقد تحدثنا عنها اعلاه.
[6 - محمد الأسطى " ثورة يحيى بن يحيى السويدي او السويدان"، مجلة البحوث التاريخية , السنة الرابعة , العدد الأول , يناير 1982 , ص ص 141 – 153.]
قرأت بحث الاستاذ محمد الاسطى رحمه الله وللاسف الشديد جدا انه بحث لا يحمل أي قيمة تاريخية نعتز بها أو حقائق ووثائق تجعلنا نغلق خطابنا المفتوح، فقد بدأه المرحوم الاستاذ الاسطى بتعسف وقلب للحقائق بأن حاول أن يجعل من مدعي النبوة يحيى السويدي ليبياً، وفي سبيل ذلك قلب لقبه من السويدي إلى سويدان لان الأخير لقب متداول في ليبيا! كل ذلك من دون ذكر دليل واحد أو وثيقة صحيحة تسند قوله!!!
[وأكدت هذه الدراسة الجيدة أن الوثائق التاريخية لم تذكر شيئا عن علاقة الشيخ يحيى بن يحيى السويدي بالدول الأوربية]
لا مجال لإنكار علاقة يحيى بأوروبا الصليبية، فقد ذكر التمجروتي أن (العصاة قد حصلوا على الاسلحة والذخيرة من المدعو "هوغو دي لوبنس دي ورداللس" رئيس الطريقة المالطية وطلبوا منه المساعدة وكانوا ينتظرون المزيد من المدد .. ) ا. هـ ونشر ايتوري روسي وثيقة تؤكد اتصال وتعاون بين مرشد منظمة القديس يوحنا ويحيى السويدي، بل وتشير هذه الوثيقة أن في جند يحيى افراداُ من هذه المنظمة الصليبية!! وهو ما اكده د. خليفة التليسي من المعاصرين ايضا.
[ومن الطبيعي أن يسعى الشيخ المذكور لدى الدول الوربية من أجل الحصول على الأسلحة من هؤلاء للوقوف امام خصمه القوي فهي مصالح متبادلة وان تباينت اغراضها كما يقول المرحوم محمد الأسطى وتؤكده الأحداث التاريخية التي كان يشهدها البحر المتوسط]
من المحزن المؤسف حقا أن تنقل لنا يا دكتور تبرير المرحوم الاستاذ الاسطى سعي السويدي لدى تلك المنظمة الصليبية لحصول على الاسلحة التي قاتل بها اهلينا وارتكب بها فضائع لم يقترف عشر معشارها الجنود الانكشارية على ظلمهم وطغيانهم، بل وتسمونها مصالح متبادلة!!! عجبي.
وتصر يا دكتور محمد بعد كل هذا على منح السويدي لقب الشيخ!!
[اما موقف الشيخ يحيى بن يحيى السويدي من زاوية الشيخ عبد السلام الاسمر وابنه الشيخ عمران واتلاف المكتبة التي كانت تضم نحو 500 كتاب فانه رغم اشارة الشيخ البرموني في كتابه المعروف (بروضة الازهار) إلى الخلاف الذي حدث بين الشيخ يحيى والشيخ عمران مما ادى إلى قتل الاخير وحرق مكتبته , ولكن لم يشر البرموني إلى سبب الخلاف والذي لعله يرجع إلى موقف الشيخ يحيى من الطريقة العروسية الاسمرية والتي كان مقرها زليطن والتي كانت تطلق على الشيخ عبد السلام الاسمر اعظم الصفات التي تتعارض مع شخصه و مع الدين الاسلامي.]
لوسلمنا لك يا دكتور أن هناك خلافاً سببه أن الورع الزاهد السويدي كان له موقف من اطلاق صفات على الشيخ الاسمر رضي الله عنه تنافى مع الدين الاسلامي، هل هذا يبيح ليحيى أن يقتل عشرين من اهل الزاوية في ساعة واحدة وعلى رأسهم شيخ الزاوية سيدي عمران بن سيدي عبد السلام الاسمر رضي الله عنه؟ ويرتكب مذبحة في البلاد مما سبب خلاء زاوية الاسمر وهجرة علماءها على تونس؟!! بل ويعتدي على موروثنا الثقافي والعلمي بأن يدمر مكتبة زاوية الاسمر التي كانت بمقاييس ذلك لزمن من كبرى المكتبات في شمال افريقيا؟! على كل أترك الرد على اتهامك للشيخ عمران بن سيدي عبد السلام الاسمر رضي الله عنه واتباعه بجهله بالدين الاسلامي للشيخ الفاضل الدكتور مصطفى بن رابعة شيخ الطريقة العروسية فهو الاقدر على دفع هذه التهمة الخطيرة التي تحط من المكانة العلمية والدينية لابناء زاوية الاسمر احد اكبر رموز تاريخنا الثقافي والعلمي في ليبيا الحبيبة.
¥