ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[17 - 04 - 07, 03:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (6/ 257): (باب البينة على ذكر معجزات لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مماثلة لمعجزات جماعة من الأنبياء قبله وأعلى منها خارجة عما اختص به من المعجزات العظيمة التي لم يكن لاحد قبله منهم عليهم السلام ... ) ثم قال:
(والمقصود أنه كان الباعث لي على عقد هذا الباب أني وقفت على مولد اختصره من سيرة الامام محمد بن إسحاق بن يسار وغيرهما شيخنا الإمام العلامة شيخ الاسلام كمال الدين أبو المعالي محمد بن علي الأنصاري السماكي نسبه إلى أبي دجانة الأنصاري سماك بن حرب بن حرشة الأوسي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - شيخ الشافعية في زمانه بلا مدافعة المعروف بابن الزملكاني عليه رحمه الله وقد ذكر في أواخره شيئا من فضائل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعقد فصلا في هذا الباب فأورد فيه أشياء حسنة ونبه على فوائد جمة وفوائد مهمة وترك أشياء أخرى حسنة ذكرها غيره من الأئمة المتقدمين ولم أره استوعب الكلام إلى آخره فأما أنه قد سقط من خطه أو أنه لم يكمل تصنيفه فسألني بعض أهله من أصحابنا ممن تتأكد إجابته وتكرر ذلك منه في تكميله وتبويبه وترتيبه وتهذيبه والزيادة عليه والاضافة إليه فاستخرت الله حينا من الدهر ثم نشطت لذلك ابتغاء الثواب والأجر وقد كنت سمعت من شيخنا الأمام العلامة الحافظ أبي الحجاج المزي تغمده الله برحمته أن أول من تكلم في هذا المقام الأمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه وقد روى الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله في كتابه دلائل النبوة عن شيخه الحاكم أبي عبد الله أخبرني أبو أحمد بن ابي الحسن أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي عن أبيه قال عمر بن سوار قال الشافعي مثل ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم فقلت أعطى عيسى إحياء الموتى فقال أعطى محمدا صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب إلى جنبه حين بني له المنبر حسن الجذع حتى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك هذا لفظه رضي الله عنه والمراد من إيراد ما نذكره في هذا الباب البينة على ما أعطى الله أنبياءه عليهم السلام من الآيات البينات والخوارق القاطعات والحجج الواضحات وأن الله جمع لعبده ورسوله سيد الأنبياء وخاتمهم من جميع أنواع المحاسن والآيات مع ما اختصه الله به مما لم يؤت أحدا قبله كما ذكرنا في خصائصه وشمائله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ووقفت عل فصل مليح في هذا المعنى في كتاب دلائل النبوة للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني وهو كتاب حافل في ثلاث مجلدات عقد فيه فصلا في هذا المعنى وكذا ذكر ذلك الفقيه أبو محمد عبد الله بن حامد في كتابه دلائل النبوة وهو كتاب كبير جليل حافل مشتمل على فرائد نفيسة وكذا الصرصري الشاعر يورد في بعض قصائده أشياء من ذلك كما سيأتي وها أنا أذكر بعون الله مجامع ما ذكرنا من هذه الاماكن المتفرقة بأوجز عبارة وأقصر إشارة وبالله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم) ثم سرد خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما شاركهم فيه رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إلى أن قال:
( ... وذكر في مقابلة حسن يوسف عليه السلام ما ذكر من جمال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومهابته وحلاوته شكلا ونفعا وهديا ودلا ويمنا كما تقدم في شمائله من الأحاديث الدالة على ذلك كما قالت الربيع بنت مسعود لو رأيته لرأيت الشمس طالعة .. )
ثانيا: ثبت عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قوله: " أوتي يوسف شطر الحسن " رواه مسلم
وقد اختلف في تأويل ذلك:
فقيل أوتي شطر حسن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكره ابن المنير وهو بعيد واستضعفه العيني.
وقيل: أوتي شطر الحسن ولا يدخل في القسمة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأن المتكلم لا يدخل في عموم خطابه على قول.
وقيل: أوتي شطر حسن آدم عليه السلام فالله خلق آدم على أحسن صورة ذكره ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 97، 205)
وقيل: بل أوتي شطر الحسن مطلقاً.
قال ابن القيم رحمه الله: (قول النبي يوسف أوتى شطر الحسن ":
قالت طائفة المراد منه أن يوسف اوتي شطر الحسن الذي أوتيه محمد فالنبي بلغ الغاية في الحسن ويوسف بلغ شطر تلك الغاية قالوا ويحقق ذلك ما رواه الترمذي من حديث قتادة عن أنس قال ما بعث الله نبيا إلا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم وجها وأحسنهم صوتا والظاهر أن معناه أن يوسف عليه السلام اختص على الناس بشطر الحسن واشترك الناس كلهم في شطره فانفرد عنهم بشطره وحده وهذا ظاهر اللفظ فلماذا يعدل عنه واللام في الحسن للجنس لا للحسن المعين والمعهود المختص بالنبي أدري ما الذي حملهم علي العدول عن هذا إلى ما ذكروه
وحديث أنس لا ينافى هذا بل يدل على أن النبي أحسن الأنبياء وجها وأحسنهم صوتا ولا يلزم من كونه أحسنهم وجها أن لا يكون يوسف اختص عن الناس بشطر الحسن واشتركوا هم في الشطر الآخر ويكون النبي شارك يوسف فيما اختص به من الشطر وزاد عليه بحسن آخر من الشطر الثاني والله أعلم) بدائع الفوائد (3/ 723)
ثالثاً: فائدة كان عمر بن الخطاب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يقول: " جرير بن عبد الله البجلي يوسف هذه الأمة "، وكان رضي الله عنه مشهورا بالحسن جسيما وكان سيداً في قومه عاقلا كريما متواضعا قد جمع الله فيه بين حسن الشكل والعقل والدين وله قصص تشهد على هذه الصفات المذكورة في كتب السنة والتراجم.
¥