تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في معرفة علوم الحديث عن أحمد بن سنان القطان قال: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث. وأخرج أيضاً عن ابن المبارك يقول: الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.

قال أبو عبد الله الحاكم: فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة موظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث وقلب الأسانيد، فإن الإخبارإذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بُتْراً. أ هـ" (أوصاف النبي /تحقيق سميح عباس/ ص323) أقول: هذا سر هجوم أهل الزندقة والعلمنة وبعض المتميعيين من أصحاب العمائم على أهل الحديث واتهامهم بالجمود وعدم الفهم واهتمامهم بابن الرواندي والسهروردي والغزالي والرازي وأبي حيان والفارابي والكندي وابن سينا وغيرهم على حساب أهل الإسناد والرواية بغية التشويش على القارئ وغض الطرف عن أهل الحديث لأنك بكل بساطة تجد أحدهم يؤلف كتاباً ضخماً يزعم أنه قدم مشروعاً إسلامياً حضارياً!! وبعد اطلاعك على هذا الكتاب الذي نال إعجاب ما يسمى باليسار الإسلامي وأهل التنوير تجد أن الرجل حاطب ليل! جمع الغث والسمين .. بل إنه بنى مشروعه على أحاديث مكذوبة وتأصيلات واهية لذلك لا عجب أن يهاجم هؤلاء أهل الحديث والإسناد لأنه باستطاعة رجل من أهل الحديث والإسناد أن ينسف كتاباً كاملاً بمجرد الإطلاع عليه، وهذا من حفظ الله لهذا الدين العظيم.

إذن كتاب الشمائل صورة دقيقة لشمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، فخلال تطواف المرء في كتاب الترمذي نستطيع أن نرى صورة تقريبية لهيئة الرسول صلى اله عليه وسلم وصفاته الخلقية والخلقية، نرى كيف كان يعيش نبينا وكيف كان يأكل ويشرب وينام وكيف يضحك ويمزح، وكيف يمشي في الأسواق ويتعامل مع الناس جميعاً ضعيفهم وقويهم.

أقول: هذا الكتاب نافع لكل باحث في السيرة النبوية ومصادرها حيث يسد ثغرة كبيرة في الجوانب التفصيلية من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يجدها الباحث في كتاب آخر بهذا الجمع والتفصيل إذ أن معظم كتب السيرة تركز على غروات وحروب الرسول صلى الله عليه وسلم وتتكلم عن هذه الشمائل علىسبيل الإيجاز.

ونعرض أنموذجاً آخر لكتاب جليل الفائدة (أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم) للحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ المتوفى 369 هـ حيث جمع في كتابه شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم على شاكلة كتاب الترمذي. والكتاب ضم أحاديث نادرة لا توجد في مرجع آخر. وهو مطبوع ومتوافر في المكتبات. واستهل الحافظ الأصبهاني كتابه بقوله في المقدمة: "ما ذكر من حسن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرمه، وكثرة احتماله، وشدة حيائه، وعفوه، وجوده، وسخائه، وشجاعته، وتواضعه، وصبره على المكروه، وإغضائه، وإعراضه عما كرهه، ورفقه بأمته، ووكظمه الغيظ، وحلمه، وكثرة تبسمه، وسروره، ومزاحه، وبكائه، وحزنه، ومنطقه، وألفاظه، وقوله عند قيامه من مجلسه، ومشيه، والتفاته، وذكر محبته الطيب، وتطيبه، وذكر قميصه، وجبته، وشكره ربه عند لباسه" (أخلاق النبي/ الحافظ الأصبهاني/ تحقيق د. السيد الجميلي/ دار الكتاب العربيبيروت/ ص19) وممن سار على هذا الدرب واستفاد من كتب الأقدمين الحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى 911 هـ حيث جمع طائفة كبيرة من شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وضمها كتابه (كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب المعروف بـ الخصائص الكبرى) سنلقى الضوء على هذا الكتاب في معرض حديثنا عن كتب الدلائل كمصدر من مصادر السيرة النبوية إن شاء الله. وهناك كتاب ماتع جامع تكلم في هذا الشأن وهو كتاب (الوفا بأحوال المصطفى) للعلامة الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي المتوفى 597 هـ. والكتاب يعد أنموذجاً من نماذج تطور التأليف في كتب السيرة النبوية. نحاول أن نقلب صفحات هذا الكتاب لنرى ما جاء فيه من شمائل الرسول صلىالله عليه وسلم: نختار ما ذكره ابن الجوزي في مقدمته من الغرض من تأليف كتاب الوفا: "وإني رأيت خلقاً من أئمتنا لا يحيطون علماً بحقيقة فضيلته، فأحببت أن أجمع كتاباً أشير فيه إلى مرتبته، وأشرح حاله من بدايته إلىنهايته، وأدرج في ذلك الأدلة على صحة رسالته، وتقدمه على جميع الأنبياء في رتبته، فإذا انتهى الأمر إلى مدفنه في تربته ذكرته فضل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير