تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحكى ما يجري للحجاج النصارى من ذل في الأراضي المقدسة على يد المسلمين، فعُقِد مؤتمرٌ عظيم في فرنسا وانتهى بتصميم النصارى على الاستيلاء على الأراضي المقدسة. فبدؤوا حملتهم واستولوا على إنطاكية سنة 491ه وسقطت القدس سنة 492ه وقتلوا في ساحات الأقصى من العباد والعلماء وطلاب العلم نحواً من 70 ألفاً (4) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#4-) إلى أن أعادها الله تعالى بعد وقعة حطين سنة 583ه. وقد ساعدت بعض العوامل الداخلية الصليبيين على النجاح في حملتهم تلك، فمن تلك العوامل: 1 - ضعف الخلافة واستقلال الأقاليم: فقد وصل تمزق دولة الخلافة إلى أن تملك رقعة من الأرض في الأندلس مقدارها ثلاثون فرسخاً اربعة كلهم يتسمى امير المؤمنين (5) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#5-). وما أصدق قول الشاعر: مما يزهدني في أرض أندلس ... ألقاب معتضد فيها ومعتمد ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد وفي المشرق لم يكن للخليفة إلا قصره فقط، وليس له من الأمر شيء، وتحكم الخدم في العزل والتعيين كما قال الشاعر: ومليك في قفص ... بين وصيف وبغا (6) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#6-) يقول ما قالا له ... كما تقول الببغاء فنجد البويهيين في إيران، والفاطميين- العبيديين- في مصر، والحمدانيين في الجزيرة، وأكثر المدن لها شبه استقلال، وهذه الدويلات المتنازعة لا تملك مقومات الدول، وصدق الشاعر في قوله: تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... وإذا افترقن تكسرت آحادا 2 - التنازع على الحكم، وتولي من ليس بأهل لها، وكثرة الانقلابات ومنازعة الحكام والخروج عليهم: فحكامهم كما يقول المعري: يسوسون الأنام بغير لب ... فينفذ أمرهم ويقال ساسة ومن عجيب ما ذكر في ذلك: أن أمية بن عبدالرحمن بن هشام بن عبدالجبار بن الناصر قام وتسور القصر، ودعا إلى نفسه، فقال له بعض أهل قرطبة: (نخشى عليك أن تقتل في هذه الفتنة؛ فإن السعادة قد ولت عنكم، فقال: (بايعوني اليوم واقتلوني غداً) (7) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#7-). وبهذه النفسية لدى العوائل الحاكمة يضحي أحدهم بكل شيء؛ لينال الإمارة، فيضحي بدينه، ويتحالف مع الأعداء النصارى ضد المسلمين، وقد يقتل أخاه، وقد يفعل أشياء لا تخطر بالبال لأجل الكرسي. 3 - الفساد الاقتصادي والفجوة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء: فبينما نجد ولائم كبار الدولة ووزرائها فيها من البذخ الشيء الكثير (8) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#8-)؛ نجد أن الفقر مستشرٍ فيها (9) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#9-) حتى إن القاضي عبدالوهاب المالكي غادر بغداد من الفقر، وقال لمودعيه: لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين كل غداة وعشية ما عدلت ببلدكم أمنية، وفي ذلك يقول: بغداد دار لأهل المال طيبة ... وللمفاليس دار الضنك والضيق ظللت حيران أمشي في أزقتها **** كأنني مصحف في بيت زنديق (10) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#10-) وقال: سلام على بغداد في كل موطن ... وحق لها مني سلام مضاعف فوالله ما فارقتها عن قلى لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف (11) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#11-) 4- بعد الفقهاء عن السياسة، وقد قال شيخ الإسلام: "وبسبب ضعف الفقهاء من العلم الكافي للسياسة العادلة وقع انفصام في المجتمع الإسلامي فصار يقال: الشرع والسياسة، هذا يدعو خصمه إلى الشرع وهذا يدعوه إلى السياسة، والسبب تقصير هؤلاء في معرفة السنة" (12) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#12-). ورأى أحد الشعراء بعض أهل العلم في مكة يتباحثون في النحو والصرف فوبخهم بقوله: أما تستحون الله يا معدن النحو ... شغلهم بذا والناس في أعظم الشغل إمامكم أضحى قتيلاً مجندلاً ... وقد أصبح الإسلام مفترق الشمل وأنتم على الأشعار والنحو عُكَّفاً ... تصيحون بالأصوات في أحسن السبْل (13) ( http://saaid.net/mktarat/flasteen/62.htm#13-) 5- الباطنية ونخرهم في الجسد الإسلامي: فقد حصل من الحشاشين في قلعة آلموت، والبويهيين في فارس، والقرامطة في الإحساء، والعبيديين في مصر ما يندى له الجبين من قتل للأرواح، وانتهاك للحرم، واغتيال للصالحين من العلماء والوزراء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير