تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولما وقعت الحرب العالمية الأولى سنة (1333هـ = 1914م) انضمت حكومة الاتحاد والترقي إلى جانب ألمانيا، ودخلت تركيا حربًا لا دخل لها بها وأجهضت قوتها البشرية والاقتصادية والعسكرية، حيث تمزق الجيش التركي على جميع الحدود والجبهات نتيجة للقيادة الفاشلة والعميلة، وانتهت الحرب سنة (1337هـ = 1918م) بهزيمة ألمانيا وتركيا، وتحطُّم دولة الخلافة وتمزق أوصالها، حيث استولى الإنجليز على قلاع الدرنديل، واحتلت الجيوش الفرنسية والإنجليزية مدينة إستانبول، واحتلت اليونان أزمير، ووقعت هدنة "مدروز" التي نصت على استسلام الدولة العثمانية دون قيد أو شرط، وبدأت القوات العثمانية تلقي سلاحها، واستعد الحلفاء لاحتلال الأستانة وغيرها من المدن التركية، وأدت روح التشفي التي صدرت عن الحلفاء والأقليات الدينية إلى نمو روح المقاومة لدى الأتراك.

أما كبار رجال حزب الاتحاد والترقي الذين كانت في أيديهم مقدرات البلاد فقد فروا من البلاد، وكان السلطان العثماني الجديد "محمد وحيد الدين" يدرك أن وجود تركيا لازم لدول الغرب لإقامة التوازن بينها، كما أن بريطانيا وفرنسا لن تسمحا بالقضاء على تركيا قضاءً مبرمًا؛ لأن ذلك يفسح المجال أمام روسيا الشيوعية للاستيلاء على الأناضول، وبالتالي على مضيق البوسفور والدرنديل، بل كل ما تريدانه هو جعل الدولة العثمانية دولة صغيرة مثل الدول التي ستقوم على أنقاضها؛ لذا رأى السلطان أن ما أُخذ من الدولة العثمانية لا يسترد إلا بالقتال، وبالتالي فلا بد من القيام بثورة في البلاد؛ لذلك استعان بمصطفى كمال، وعهد إليه بأن يقوم بثورة في شرقي الأناضول حتى يتسنى لرجال السياسة أن يستخدموا هذه الثورة كورقة ضغط أثناء عقد الصلح مع الحلفاء حتى يحصلوا على أكثر ما يمكن من المكسب، وللتغطية على هذه الثورة خاصة من الإنجليز الذين كانوا يسيطرون على إستانبول، عين السلطان "وحيد" "مصطفى كمال" مفتشا لجيوش الأناضول بصلاحيات واسعة، وزوده بمبلغ كبير من المال، ووضع فيه ثقته، لكنه خان الأمانة وغدر بالسلطان وعمل لنفسه.

من هو مصطفى كمال أتاتورك؟

ولد مصطفى كمال سنة (1299هـ = 1880م) بمدينة "سالونيك" التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، أما أبوه فهو "علي رضا أفندي" الذي كان يعمل حارسًا في الجمرك، وقد كثرت الشكوك حول نسب مصطفى، وقيل إنه ابن غير شرعي لأب صربي، أما لقب "كمال" الذي لحق باسمه فقد أطلقه عليه أستاذه للرياضيات في المدرسة الثانية، ويذكر الكاتب الإنجليزي "هـ. س. أرمسترونج" في كتابه: "الذئب الأغبر" أن أجداد مصطفى كمال من اليهود الذين نزحوا من إسبانيا إلى سالونيك وكان يطلق عليهم يهود الدونمة، الذين ادعوا الدخول في الإسلام.

وبعد تخرجه في الكلية العسكرية في إستانبول عين ضابطًا في الجيش الثالث في "سالونيك" وبدأت أفكاره تأخذ منحنى معاديًا للخلافة، وللإسلام، وما لبث أن انضم إلى جمعية "الاتحاد والترقي"، واشتهر بعد نشوب الحرب العالمية الأولى حين عين قائدًا للفرقة 19، وهُزم أمامه البريطانيون مرتين في شبه جزيرة "غاليبولي" بالبلقان رغم قدرتهم على هزيمته، وبهذا النصر المزيف رُقّي إلى رتبة عقيد ثم عميد، وفي سنة (1337هـ = 1918/) تولى قيادة أحد الجيوش في فلسطين، فقام بإنهاء القتال مع الإنجليز – أعداء الدولة العثمانية – وسمح لهم بالتقدم شمالاً دون مقاومة، وأصدر أوامره بالكف عن الاصطدام مع الإنجليز.

السلطان وأتاتورك

غادر مصطفى كمال إستانبول في (شعبان 1337هـ = مايو 1919) بعدما عهد إليه السلطان العثماني بالقيام بالثورة في الأناضول، واختار معه عددًا من المدنيين والعسكريين لمساعدته، وبعدما استطاع جمع فلول الجيش حوله هناك بدأ في ثورته، فاحتج الحلفاء على هذا الأمر لدى الوزارة القائمة في إستانبول المحتلة، وهددوا بالحرب، فاضطرت الوزارة إلى إقالته، وعرضت الأمر على السلطان، الذي أوصى بالاكتفاء بدعوته إلى العاصمة، لكنه اضطر بعد ذلك إلى إقالته فلم يمتثل أتاتورك لذلك وقال في برقية أرسلها للخليفة: "سأبقى في الأناضول إلى أن يتحقق استقلال البلاد".

الثورة الكاذبة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير