[" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " 1]
ـ[عبده نصر الداودي]ــــــــ[12 - 05 - 07, 08:46 م]ـ
إن الحمد لله تعالى نحمده سبحانه ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لاإله غلا الله وحده لاشريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار؛ ثم أما بعد
بعث الله تعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، بعثه في الأميين على حين فترة من الرسل: " يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويلمهم الكتاب و الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين " الجمعة: 2
ولقد علم الله سبحانه، وهو اللطيف الخبير، أن الرسول المبعوث من قبله لابد أن يكون موصوفًا بصفات الكمال، منزهًا عن صفات النقص، مبرأً من كل عيب، معصومًا من كل ذنب، حتى يقبل الناس عليه، ويتعلموا منه 000
فجعله الله القدوة الطيبة، والأسوة الحسنة، والمثل الأعلى، والإمام الأعظم، فقال: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا " الأحزاب:21
وقد اشتملت هذه الآية على ثلاث مسائل هامة:
الأولى: اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدوة وحده وقصرها عليه 0
الثانية: أن هذه القدوة للمؤمنين بالرسول وحدهم 0
الثالثة: تقييد الأسوة بوصف الحسنة 0
وهذا القيد أفاد أن الأسوة نوعان:
أسوة حسنة، وأسوة سيئة
* فالأسوة الحسنة: في الرسول صلى الله عليه وسلم
فإن المتأسي به سالك الطريق الموصل إلى كرامة الله، وهو الصراط المستقيم 0
* وأما الأسوة السيئة: فهي الأسوة بغيره إذا خالفه، لقول المشركين إذا دعوا للتأسي بالرسول:
" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون " الزخرف: 22
والتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم نعمة من الله ورحمة يختص بها من يشاء من عباده
ولذلك قال: "لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا "
والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم لايكون في جانب دون جانب، ولا في ناحية دون ناحية، ولا يكون في الدين دون الدنيا، بل التأسي به صلى الله عليه وسلم واجب في الدين والدنيا، والعبادة والمعاملة، والأخلاق والآداب، والسلم والحرب، والأمن والخوف 0
فهو صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة في معاشرته لأزواجه
فلقد كان حسن المعاشرة لأزواجه، حسن الخلق معهن، وكان يأذن لبنات الأنصار في الدخول على عائشة للعب معها، وكان إذا رغبت في شيئ مباح وافقها عليه، وكان إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان من لطفه وحسن خلقه يريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي متكئة على منكبيه تنظر، وسابقها في السفر على الأقدام مرتين
ومع ذلك كان يصبر على مايكون منهن مما لايسلم منه الأزواج، كما كان يصبر على مايكون بينهن أنفسهن ويعالجه بحكمة، وكان يقول لعائشة: " إني لأعلم متى تكوني راضية ومتى تكوني غير راضية " فتقول: وكيف ذلك يارسول الله؟ فيقول: " إن كنت راضية قلت: لا ورب محمد، وإن كنت غير راضية قلت: لا ورب إبراهيم " قالت: إي والله يارسول الله، ولكن لاأهجر إلا اسمك "متفق عليه
وحدث أن امرأة عمر بن الخطاب راجعته في أمر ما فأنكر عليها ذلك، فقالت: عجبًا لك يابن الخطاب! ماتريد أن تراجع أنت، وإن ابنتك لتراجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان، فقام فأخذ رداءه، حتى دخل على حفصة، فقال لها: يابنية، إنك لتراجعنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان؟! فقالت: والله إنا لنراجعه متفق عليه
وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: " غارت أمكم " ثم حبس الخادم، حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه " البخاري (5225) وللحديث بقية إن شاء الله تعالى 0
ـ[صخر]ــــــــ[14 - 05 - 07, 04:33 ص]ـ
جزاك ربي خيرا