وسار سليمان حتى بلغ عمورية فحاصرها مدة، وعلم أن "ليون" حاكم هذه المدينة يناهض الإمبراطور البيزنطي "تاود أسيوس" فأراد أن يخدعه ويستميله معه، ويغريه بعرش الإمبراطورية الرومانية، ولكن ليون تظاهر بمساعدته وأضمر في نفسه شيئا آخر، فدخل في مفاوضات مع المسلمين وطلب منهم رفع الحصار عن عمورية، ثم صحب جيش المسلمين قاصدا القسطنطينية، وأصبح ليون موضع ثقة المسلمين، فسمحوا له بأن يسبقهم إلى القسطنطينية.
وسرعان ما كشف "ليون" عن حقيقة نواياه عندما احتل العاصمة البيزنطية واستطاع الوصول إلى العرش الإمبراطوري مستغلا وصول الحملة الإسلامية إلى القسطنطينية، فأسرع بتحصين المدينة وتدعيم أسوارها وتقويتها لمواجهة الحصار الإسلامي المرتقب.
بدأ الحصار البحري لمدينة القسطنطينية في (19 من المحرم 99هـ = أول سبتمبر 717م) وعندما وصل إليها مسلمة بجيشه ضرب عليها حصارا شديدا قاسيا، واستمر حتى الشتاء، وتحمل المسلمون البرد القارس؛ حيث عانوا كثيرا؛ وجاء أسطول من مصر وآخر من شمال إفريقيا، كما وصلت نجدات برية أخرى.
وأخذ المسلمون يهاجمون المدينة مستخدمين النفط، واستعانوا بسلاح جديد أشبه بالمدفع، وأظهر المقاتلون شجاعة نادرة وفدائية فريدة.
وفي تلك الفترة التي اشتد فيها حصار المسلمين لمدينة القسطنطينية توفي الخليفة سليمان بن عبد الملك، وتولى بعده الخليفة "عمر بن عبد العزيز"، واستقر رأى الخليفة الجديد على سحب القوات الإسلامية المحاصِرة للقسطنطينية للإفادة منها في تأمين الدولة الإسلامية وتنظيمها قبل الاستمرار في الفتح والتوسع. وأرسل الخليفة في (12 من المحرم 100 هـ = 15 من أغسطس 718م) يطلب من مسلمة العودة بجيوشه وأساطيله إلى الشام بعد حصار دام اثني عشر شهرًا كاملة، بعد أن أدت دورها في إعزاز دولة الإسلام، وحمل البيزنطيين على التخلي عن أحلامهم وأطماعهم السابقة في استعادة أراضيهم التي انضوت تحت لواء الإمبراطورية الإسلامية الجديدة.
تحقق الحلم
وبرغم كل تلك المحاولات لفتح القسطنطينية، والتي لم يكتب لها النجاح؛ فقد ظل الاستيلاء على هذه المدينة حلما يداعب خيال المسلمين، وأملا يراود نفوسهم، وأمنية تجيش في صدورهم حتى استطاع السلطان العثماني "محمد الفاتح" أن يحقق ذلك الحلم بعد عدة قرون من الزمان، ويفتح القسطنطينية في سنة (857هـ = 1453م).
ـ[أبو أشبال]ــــــــ[27 - 05 - 07, 08:29 م]ـ
بارك الله فيكم، هلا لو تفضلتم بذكر المصدر المنقول منه حتى نستفيد به جميعا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 07, 07:01 م]ـ
لعل هذه من أخطاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله
ـ[أبو مسلم الأثري]ــــــــ[20 - 06 - 07, 08:03 م]ـ
بارك الله فيكم، هلا لو تفضلتم بذكر المصدر المنقول منه حتى نستفيد به جميعا
....................
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[21 - 06 - 07, 05:08 م]ـ
انظر الرابط:
www.islamonline.net/Arabic/history/1422/04/article01.SHTML - 66k -
ـ[أبو أشبال]ــــــــ[24 - 06 - 07, 09:32 م]ـ
لعل هذه من أخطاء عمر بن عبد العزيز رحمه الله
وقد حكى محمد بن زياد الألهاني حال المسلمين في تلك الأيام التي أصاب عليهم الضيق والقحط قائلا: "غزونا القسطنطينية فجعنا حتى هلك ناس كثير، فإن الرجل ليخرج إلى فضاء لحاجة والآخر ينظر إليه، فإذا فرغ أقبل ذلك إلى رجيعه فأكله، وإن كان الرجل ليخرج إلى المخرج فيؤخذ فيذبح ويؤكل، وإن الأهواء من الطعام كالتلال لا نصل إليها، يطايد بها أهل القسطنطينية المسلمين". (الذهبي، تاريخ الإسلام 6/ 274)
وهكذا ظل الأمر المحزن إلى أن كتب الخليفة الجديد عمر بن عبد العزيز إلى مسلمة وهو في أرض الروم يأمره بالقفول منها بمن معه من المسلمين وأرسل إليه خيلا عتاقا وطعاما كثيرا. كما قد أرسل إلى الأقاليم تعليماته لمعونة الجيش والحث عليه خلال هذا الانسحاب ومساعدة مقاتلين. (الطبري، التاريخ 8/ 130، والذهبي، تاريخ الإسلام 6/ 273).
وعاد مسلمة إلى طرسوس بـ 30.000 رجل فقط من بين أكثر من 100.000رجل، وأما السفن فقيل أن خمس سفن فقط من بين 1.000 سفينة هي التي نجت ووصلت إلى ثغور الشام. (فتحي عثمان، الحدود الإسلامية البيزنطية، ص 93)
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[02 - 07 - 07, 03:39 ص]ـ
أحسنت أبا الأشبال في هذا الجواب المقنع على مجازفة محمد الأمين