[ماذا تعرف عن محاكم التفتيش]
ـ[العدناني]ــــــــ[02 - 06 - 07, 01:38 م]ـ
محاكم التفتيش
هدفت إلى تنصير المسلمين بإشراف السلطات الكنيسية، وبأشد وسائل العنف، ولم تكن العهود التي قطعت للمسلمين لتحول دون النزعة الصليبية، التي اسبغت على سياسة أسبانية الغادرة ثوب الدين والورع ولما رفض المسلمون عقائد النصارى ودينهم المنحرف وامتنعوا عنه وكافحوه، اعتبرهم نصارى الاسبان ثواراً وعملاء لجهات خارجية في المغرب والقاهرة والقسطنطينية، وبدأ القتل فيهم وجاهد المسلمون ببسالة في غرناطة والبيازين والبشرات، فمزقوا بلا رأفة ولا شفقة ولا رحمة.
وفي تموز (يولية) 1501 أصدر الملكان الكاثوليكيان أمراً خلاصته "إنه لما كان الله قد اختارهما لتطهير مملكة غرناطة من الكفرة، فإنه يحظر وجود المسلمين فيها، ويعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال".
فمنعوا المسلمين من النطق بالعربية في الأندلس، وفرضوا إجلاء العرب الموجودين فيها، وحرق من بقي منهم، وزاد الكردينال "كمينسس" على ذلك، فأمر بجمع كل ما يستطاع جمعه من الكتب العربية ونظمت أكداسا في اكبر ساحات المدينة، وفيها علوم لا تقدر بثمن، بل هي خلاصة ما بقي من التفكير الإنساني وأحرقها، لقد ظن رئيس الأساقفة بفعله ذلك أنه سوف يقضي على الإسلام في أسبانيا وأنى هذا له، وقد تركت حضارة الإسلام في الأندلس من الآثار ما يكفي لتخليد ذكرها على مر الدهور وكر العصور وإن للإسلام جولة وصولة من جديد بإذن الله في ديارنا التي سلبت من أيدينا وسيكون ذلك قريبا عندما يمكن الله لهذه الأمة وإنها لتمر في مراحلها المعاصرة نحو وعد الله بالنصر والفوز والفلاح، "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا".
فهاجرت جموع المسلمين إلى المغرب ناجية بدينها، ومن بقي من المسلمين أخفى إسلامه وأظهر تنصره، فبدأت محاكم التفتيش نشاطها الوحشي المروع، فعند التبليغ عن مسلم أنه يخفي إسلامه، يزج به في السجن وكانت السجون مظلمة عميقة رهيبة، تغص بالحشرات والجرذان، يقيد فيها المتهمون بالأغلال بعد مصادرة أموالهم، لتدفع نفقات سجهنم. ومن أنواع التعذيب، إملاء البطن بالماء حتى الاختناق، وربط يدي المتهم وراء ظهره، وربطه بحبل فوق راحته وبطنه ورفعه وخفضه معلقاً، سواء بمفرده أو مع أثقال تربط معه، والأسياخ المحمية، وسحق العظام بآلات ضاغطة، تمزيق الأرجل وفسخ الفك .. ولا يوقف التعذيب إلا إذا رأى الطبيب حياة المتهم في خطر، ولكن التعذيب يستأنف متى عاد المتهم إلى رشده أو جف دمه
مما يذكر .. أن هناك عذابا اختص به النساء وهو تعرية المرأة إلا ما يستر عورتها، وكانوا يضعون المرأة في مقبرة مهجورة ويجلسونها على قبر من القبور، ويضعون رأسها بين ركبتيها ويشدون وثاقها، وهي على هذه الحالة السيئة، ولا يمكنها الحراك، وكانوا يربطونها إلى القبر بسلاسل حديدية، ويرخون شعرها فيجللها وتظهر لمن يراها عن كثب كأنما هي جنيَّة لا سيما إذا ما أرخى الليل سدوله، وتترك المسكينة على هذه الحال إلى أن تجن أو تموت جوعا ورعبا
"لقد قام النصارى بإجبار المسلمين على الدخول في دينهم، وصارت الأندلس كلها نصرانية، ولم يبق فيها من يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. إلا من يقولها في قلبه، وفي خفية من الناس وجعلت النواقيس في صوامعها بعد الأذان، وفي مساجدها الصور والصلبان، بعد ذكر الله وتلاوة القرآن، فكم فيها من عين باكية وقلب حزين، وكم فيها من الضعفاء والمعذورين، لم يقدروا على الهجرة واللحاق بإخوانهم المسلمين قلوبهم تشتعل نارا، ودموعهم تسيل سيلا غزيرا، وينظرون إلى أولادهم وبناتهم يعبدون الصلبان، ويسجدون للأوثان، ويأكلون الخنزير والميتات، ويشربون الخمر التي هي أم الخبائث والمنكرات، فلا يقدرون على منعهم ولا على نهيهم
"وانطفأ من الأندلس الإسلام والإيمان، فعلى هذا فليبك الباكون، ولينتحب المنتحبون، فإنا لله وإنا إليه راجعون، كان ذلك في الكتاب مسطوراً وكان أمر الله قدراً مقدوراً"
قد كانت محاكم التفتيش والتحقيق مضرب المثل في الظلم والقهر والتعذيب.
كانت تلك المحاكم والدواويين تلاحق المسلمين حتى تظفر بهم بأساليب بشعة تقشعر لها القلوب والأبدان.
¥