تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان مقر محكمة التفتيش الإسبانية فى أشبيلية، ثم انتقل بعد ذلك إلى طليطلة، وكانت سلطة رئيس محكمة التفتيش لا تناقش، وكان يرأس مجموعة من الأعضاء عددهم خمسة، يشكلون المجلس الأعلى. وقد منح البابا كليمنتى الثامن أعضاء المحكمة الإسبانية سلطة النظر فى المطبوعات والمخطوطات وحظر قراءة الكتب والأوراق التى يرون أنها تخالف الآداب العامة أو عقيدة الكنيسة الكاثوليكية، وكانت عقيدة الكنيسة تتمثل فى عذرية السيدة مريم --حتى بعد أن وضعت-- والتثليث، وصلاحية الكنيسة الكاثوليكية فى منح الغفران.

كانت المحكمة تتكون من نائبين وعالم لاهوت، وكان لهم زى خاص. كان هناك ممثل ادعاء، وكان هناك قاض مهمته تقييم العقارات والثروات المصادرة، وكان لكل هؤلاء عدد من المساعدين من بينهم كاتب المحكمة الذى كان يسجل الأسئلة التى توجه إلى المتهمين والأجوبة، وكان كاتب المحكمة يسجل الاعترافات التى يدلى بها المتهم بعد تعرضه للتعذيب.

وكان هناك فى كل قرية أو مدينة لجان تتولى تنفيذ أوامر محكمة التفتيش وإلقاء القبض على من تحوم الشبهات حولهم. ثم كان هناك "المتعاونون مع المحكمة"، وكان هؤلاء يتمتعون بعفو شامل عن ذنوبهم. ولتعيين "متعاونين" كانت المحكمة تخضع الشخص المرشح لاستجوابات خاصة بنقاء الدم، وكان الشخص المرشح يودع حوالى تسعة آلاف ريال قبل عملية استجوابه.

كانت محكمة التفتيش تتولى ملاحقة الملحدين herejes ، والملحد فى نظر الكنيسة هو المسيحى الذى يشك فى إيمانه، أى أن اليهودى والمسيحى كانا بمنأى عن خضوعهما لسلطة محكمة التفتيش. هذا معناه أن الشخص كان يخضع لسلطة المحكمة اعتبارا من تارخ تنصيره، سواء أكان هذا التنصير إراديا أم قسريا. من هنا ندرك أهمية عمليات التنصير الجماعى التى قام بها الكاردينال ثيسنيروس ومن سار على نهجه: إنه –ببساطة- أوجد "عملا" لأعضاء محكمة التفتيش. لعلنا بهذا ندرك سبب محاولات الموريسكيين الاتصال بروما وإخبار البابا بأنهم لم يتلقوا ماء التعميد، أى أنهم غير خاضعين لسلطة محكمة التفتيش. كان تمويل محكمة التفتيش الإسبانية ذاتيا (1) وهو ما يدعونا إلى القول بأن قسطا وافرا من القضايا التى نظرتها تلك المحاكم كانت يستند إلى دوافع اقتصادية. هذا ما يفسر –كذلك- تعنت المحاكم وإطالة أمد القضايا المنظورة أمامها.

ج- مشهد الإيمان auto de fe

عندما كانت محكمة التفتيش تصدر أحكاما عديدة ضد "ملحدين" كانت ترى أن تعدد القضايا دليل على تفشى ظاهرة " الإلحاد"، فكانت تقيم احتفالا يستمر يوما كاملا. كان الاحتفال يبدأ باقتياد المذنبين إلى منزل رئيس المحكمة، وهناك كانوا يلبسونهم عباءة صفراء وطاقية خاصة. كان الناس يصطفون حتى المكان الذى سيقام فيه المشهد، وعادة كان المشهد يعقد فى ميدان كبير. هناك كانت تلقى خطبة وعظ يشار فيها إلى عواقب الإلحاد. بعد ذلك كانت أحكام الإدانة تتلى، وكانت تبدأ بالأحكام الخفيفة وتنتهى بأحكام الإعدام. كان المحكوم عليهم بالإعدام يساقون إلى مكان يسمى المحرقة، حيث كان يتم حرقهم أحياء أمام الناس.

د- التعذيب

كان التعذيب وسيلة تتبعها محاكم التفتيش لانتزاع اعترافات من المتهمين، وكان الأمر يبدأ بأن يرى المتهم غرفة التعذيب والأدوات المستعملة، وكان ذلك فى بعض الأحيان كافيا لكى يدلى المتهم بالاعتراف المطلوب منه أو بالإرشاد عن متهمين آخرين. إذا ثبت المتهم على موقفه ولم "يعترف" كان السجان يبدأ فى تعذيبه، وكان من الشائع استجواب المتهم أثناء التعذيب.

2 - الموريسكيون:

الموريسكى هو المسلم الذى بقى فى إسبانيا بعد سقوط غرناطة الإسلامية عام 1492 وحافظ على إسلامه سرا بعد أن أجبرته السلطات الإسبانية على اتباع المسيحية. حاول أولئك المسلمون بكل السبل أن يحافظوا على دينهم، فبذلوا من أموالهم الكثير حتى تخفف السلطات من القيود التى كانت تفرضها عليهم، وطلبوا العون من الدول الإسلامية، ثم فى النهاية تركوا الغالى والنفيس وفروا بدينهم إلى بلاد إسلامية مثل المغرب وتونس والجزائر ومصر وتركيا، بل منهم من هاجر إلى العالم الجديد وحمل تعاليم الإسلام إلى أمريكا الجنوبية، ظنا منه أن بإمكانه الاختفاء عن الأعين و ممارسة الإسلام فى أراضى الهنود الحمر الشاسعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير