تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[25 - 12 - 07, 05:56 ص]ـ

قال المقريزي:

وأوّل ما بنيت الدور للسكن في اللوق ايام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ، وذلك أنه جهز كشافه من خواصه مع الأمير جمال الدين الرومي السلاح دار، والأمير علاء الدين أق سنقر الناصريّ، ليعرف أخبار هولاكو، ومعهم عدّة من العربان، فوجدوا طائفة من التتر مستأمنين وقد عزموا على قصد السلطان بمصر، وذلك أن الملك بركة خان ملك التتركان قد بعثهم نجدة لهولاكو، فلما وقع بينهم، كتب إليهم بركة يأمرهم بمفارقة هولاكو والمصير إليه، فإن تعذر عليهم ذلك صاروا إلى عسكر مصر، فإنه كان قد ركن إلى الملك الظاهر، وتردّدت القصّاد بينهم بعد واقعة بغداد ورحيل هولاكو عن حلب، فاختلف هولاكو مع ابن عمه بركة خان وتواقعا، فقتل ولد هولاكو في المصاف، وانهزم عسكره وفرّ إلى قلعة في بحيرة أذربيجان، فلما وردت الأخبار بذلك إلى مصر، وكتب السلطان إلى نوّاب الشام بإكرامهم وتجهيز الإقامات لهم، وبعث إليهم بالخلع والإنعامات، فوصلوا إلى ظاهر القاهرة وهم نيف على مائتي فارس بنسائهم وأولادهم في يوم الخميس رابع عشري ذي الحجة سنة ستين وستمائة، فخرج السلطان يوم السبت سادس عشرية إلى لقائهم بنفسه ومعه العساكر، فلم يبق أحد حتى خرج لمشاهدتهم، فاجتمع علم عظيم تبهر رؤيتهم العقول، وكان يوماً مشهوداً. فأنزلهم السلطان في دور كان قد أمر بعمارتها من أجلهم في أراضي اللوق، وعمل لهم دعوة عظيمة هناك، وحمل إليهم الخلع والخيول والأموال، وركب السلطان إلى الميدان وأركبهم معه للعب الأكرة، وأعطى كبراءهم أمريات، فمنهم دون ذلك، ونزل بقيتهم من جملة البحرية وصار كل منهم من سعة الحال كالأمير، في خدمته الأجناد والغلمان، وأفرد لهم عدّة جهات برسم مرتبهم، وكثرت نعمهم، وتظاهروا بدين الإسلام، فلما بلغ التتار ما فعله السلطان مع هؤلاء، وفد عليه منهم جماعة بعد جماعة، وهو يقابلهم بمزيد الأحسان، فتكاثروا بديار مصر، وتزايدت العمائر في اللوق وما حوله، وصار هناك عدّة أكال عامرة آهلة إلى أن خربت شيئاً بعد شيء، وصارت كيماناً، وفيها ما هو عامر إلى يومنا هذا ..

(المواعظ والعبر)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير