وقد رواه ابن شبة في أخبار المدينة (786) بإسناد مرسل. وقال الهيثمي: " وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثوري ولكن ضعفه أحمد مع ورعه وابن معين .... قال البزار رواه الثوري عن سالم بن سعيد بن جبير مرسلا. ا. هـ المجمع 8/ 314 وأنظر: فتح الباري 13/ 79 وفيض القدير 3/ 47وقد ذكر ابن شبة آثارا في أخبار المدينة 1/ 235 لا تخلو من مقال.
كما أن هذه الآثار لا تصح رواية فكذلك لا تصح دراية:
أولا: قال تعالى [وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ] {الصَّف:6}
وعن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه –قال: قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: (أنا أَوْلَى الناس بِعِيسَى الْأَنْبِيَاءُ أَبْنَاءُ عَلَّاتٍ وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَ عِيسَى نَبِيٌّ) رواه مسلم (2365) قال ابن كثير -رحمه الله تعالى -: " وهذا فيه رد على من زعم أنه بعث بعد عيسى نبي يقال له خالد بن سنان كما حكاه القضاعي وغيره " ا. تفسير ابن كثير 2/ 36.
وقال السيوطي – رحمه الله تعالى -: " هذا يبطل قول من قال إنه بعث بعد عيسى في زمن الفترة نبي أو نبيان أو ثلاثة ولم يرد في ذلك حديث يعتمد عليه وهذا الذي في مسلم نص قاطع للنزاع " ا. هـ الديباج على مسلم 5/ 349.
ثانيا: قال الحاكم بعد روايته " قد سمعت أبا الأصبع عبد الملك بن نصر وغيره يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحرا في وسط جبل لا يصعده أحد وإن طريقها في البحر على الجبل وإنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض وهو مختب في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء وإن جماعة أهل تلك الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان " ا. هـ قال الحافظ ابن حجر متعقبا الحاكم: " قلت وشهادة أهل تلك الناحية بذلك مردودة فأين بلاد بني عبس من جبال المغرب " ا. هـ الإصابة 2/ 373 وفي الجملة لا يصح شيء من الأحاديث الوارد فيها ذِكْر خالد بن سنان والصحيح المقطوع به أنه لا نبي بين عيسى ومحمد – صلى الله عليهما وسلم – وقد ذكر ابن كثير عددا ممن قيل أنه نبي ومنهم خالد بن سنان فقال: " والظاهر أن هؤلاء كانوا قوماً صالحين يدعون إلى الخير " ا. هـ فيض القدير 3/ 47 والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
حرر في 18/ 2/1427هـ
كتبه د. نايف بن أحمد الحمد
قاضي المحكمة العامة بمحافظة رماح
ـ[لطفي مصطفى الحسيني]ــــــــ[10 - 09 - 10, 09:46 م]ـ
ولا تعارض عندنا بين حديث البخاري وأحاديث خالد بن سنان، حيث قد يحمل أنه لم يبعث بعد عيسى نبي بشريعة مستقلة وإنما بعث بعده من بعث بتقرير شريعة عيسى عليه السلام. ذكره ابن حجر في الفتح
وهو ما ألمح إليه ابن عاشور في قوله:
وأما الأنبياء غير الرسل فإن وظيفتهم هي ظهور صلاحهم بين قومهم حتى يكونوا قدوة لهم وإرشاد أهلهم وذويهم ومريديهم للاستقامة من دون دعوة حتى يكون بين قومهم رجال صالحون وإرشاد من يسترشدهم من قومهم وتعليم من يرونه أهلا لعلم الخبر من الأمة ..
لكن هذا القول في معنى النبي - والله أعلم- فيه نظر، فالأنبياء قد أرسلوا كذلك إلى أقوامهم وأمروا بالبلاغ، بل العلماء من الأمة مأمورون بذلك فكيف بالأنبياء؟ قال تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيء إلا إذا تمنى ... "
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، و ينذرهم شر ما يعلمه لهم)
ـ[أبو عبد المصور]ــــــــ[14 - 09 - 10, 03:40 ص]ـ
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (2/ 69) (والأشبه أنه كان رجلا صالحا له أحوال وكرامات).