تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و لم يقع بين يزيد و بين أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعكر العلاقة و القرابة بينهما سوى خروج الحسين و بعض أهله و مقتلهم على يد أهل العراق بكربلاء و مع هذا فقد بقيت العلاقة الحسنة بين يزيد و آل البيت و كانوا أولاد عمومته و نراهم قد اجتنبوا الخروج عليه أيام الحرة و مكة بل كانت صلته بعلي بن الحسين و عبد الله بن العباس و محمد بن الحنفية أيام الحرة جيدة. أما عبد الله بن جعفر فقد كانت صلته بمعاوية و يزيد من بعده غاية في المودة و الصداقة والولاء و كان يزيد لا يرد لابن جعفر طلباً و كانت عطاياه له تتوارد فيقوم ابن جعفر بتوزيعها على أهل المدينة، و كان عبد الله بن جعفر يقول في يزيد أتلومونني على حسن الرأي في هذا. قيد الشريد في أخبار يزيد (ص35).

موقف العلماء من يزيد بن معاوية

و قد سئل حجة الإسلام أبو حامد الغزالي عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية، هل يحكم بفسقه أم لا؟ و هل كان راضياً بقتل الحسين بن علي أم لا؟ و هل يسوغ الترحم عليه أم لا؟ فلينعم بالجواب مثاباً.

فأجاب: لا يجوز لعن المسلم أصلاً، و من لعن مسلماً فهو الملعون، و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم ليس بلعان، - المسند (1/ 405) و الصحيحة (1/ 634) و صحيح سنن الترمذي (2/ 189) -، و كيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم وقد ورد النهي عن ذلك - لحديث عمران بن الحصين قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره و امرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال: خذوا ما عليها و دعوها فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد. جمع الفوائد (3/ 353) -، و حرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم - هو أثر موقوف على ابن عمر بلفظ: نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة فقال: ما أعظمك و أعظم حرمتك، و المؤمن أعظم حرمة منك، و هو حديث حسن، أنظر: غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال و الحرام للشيخ الألباني (ص197) -، و قد صح إسلام يزيد بن معاوية و ما صح قتله الحسين ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يُظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام و قد قال الله تعالى {اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم} [الحجرات/12]، و من زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق، فإن من كان من الأكابر والوزراء، و السلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله و من الذي رضي به و من الذي كرهه لم يقدر على ذلك، و إن كان الذي قد قُتل في جواره و زمانه و هو يشاهده، فكيف لو كان في بلد بعيد، و زمن قديم قد انقضى، فكيف نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد، و قد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تُعلم حقيقته أصلاً، و إذا لم يُعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به. و مع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلماً فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر، و القتل ليس بكفر، بل هو معصية، و إذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة و الكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته فكيف بمؤمن تاب عن قتل .. و لم يُعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة و قد قال الله تعالى {و هو الذي يقبل التوبة عن عباده، و يعفوا عن السيئات و يعلم ما تفعلون} [الشورى/25] فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين بعينه لم يروه النص، و من لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى. و لو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يُقال له يوم القيامة: لِمَ لَمْ تلعن إبليس؟ و يقال للاعن: لم لعنت و مِنْ أين عرفت أنه مطرود ملعون، و الملعون هو المبعد من الله تعالى و ذلك علوم الغيب، و أما الترحم عليه فجائز، بل مستحب، بل هو داخل في قولنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمناً و الله أعلم بالصواب. قيد الشريد من أخبار يزيد (ص57 - 59).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير