تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن الذين خرجوا على يزيد بن معاوية من أهل المدينة كانوا قد بايعوه بالخلافة، وقد حذّر النبي – صلى الله عليه وسلم – من أن يبايع الرجل الرجل ثم يخالف إليه ويقاتله، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: " ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع،فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا رقبة الآخر " [10] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn10) ، وإن الخروج على الإمام لا يأتي بخير، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي تحذّر من الإقدام على مثل هذه الأمور، لذلك قال الفضيل بن عياض– رحمه الله -: " لو أنّ لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في إمام، فصلاح الإمام صلاح البلاد والعباد " [11] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn11) ، وهذا الذي استقرت عليه عقيدة أهل السنة والجماعة، ومعركة الحرة تعتبر فتنة عظيمة، والفتنة يكون فيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل، حتى لا يتميز لكثير من الناس، ويكون فيها من الأهواء والشهوات ما يمنع قصد الحق وإرادته،ويكون فيها ظهور قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير، فالفتنة كما قال شيخ الإسلام: " إنما يعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت فأما إذا أقبلت فإنها تُزين، ويُظن أن فيها خيراً " [12] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn12) .

وسبب خروج أهل المدينة على يزيد ما يلي:

- غلبة الظن بأن بالخروج تحصل المصلحة المطلوبة، وترجع الشورى إلى حياة المسلمين، ويتولى المسلمين أفضلهم.

- عدم علم البعض منهم بالنصوص النبوية الخاصة بالنهي عن الخروج على الأئمة.

قال القاضي عياض بشأن خروج الحسين وأهل الحرة وابن الأشعث وغيرهم من السلف: " على أن الخلاف وهو جواز الخروج أو عدمه كان أولاً، ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم والله أعلم " [13] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn13) ، ومن المعلوم أن أهل الحرّة متأولون، والمتأول المخطئ مغفور له بالكتاب والسنة، لأنهم لا يريدون إلا الخير لأمتهم، فقد قال العلماء: " إنه لم تكن خارجة خير من أصحاب الجماجم والحرّة " [14] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn14) ، وأهل الحرة ليسوا أفضل من علي وعائشة و طلحة و الزبير وغيرهم، ومع هذا لم يحمدوا ما فعلوه من القتال، وهم أعظم قدراً عند الله، وأحسن نية من غيرهم [15] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn15).

فخروج أهل الحرة كان بتأويل، ويزيد إنما يقاتلهم لأنه يرى أنه الإمام، وأن من أراد أن يفرق جمع المسلمين فواجب مقاتلته وقتله، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح [16] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn16). وكان علي – رضي الله عنه – يقول: " لو أن رجلاً ممّن بايع أبا بكر خلعه لقاتلناه، ولو أن رجلاً ممّن بايع عمر خلعه لقاتلناه " [17] ( http://almanhaj.com/almanhaj/authors//admin/data/test.htm#_ftn17)

أما إباحة المدينة ثلاثاً لجند يزيد يعبثون بها يقتلون الرجال ويسبون الذرية وينتهكون الأعراض، فهذه كلها أكاذيب وروايات لا تصح، فلا يوجد في كتب السنة أو في تلك الكتب التي أُلِّفت في الفتن خاصّة، كالفتن لنعيم بن حمّاد أو الفتن لأبي عمرو الداني أي إشارة لوقوع شيء من انتهاك الأعراض، وكذلك لا يوجد في أهم المصدرين التاريخيين المهمين عن تلك الفترة (الطبري والبلاذري) أي إشارة لوقوع شيء من ذلك، وحتى تاريخ خليفة على دقته واختصاره لم يذكر شيئاً بهذه الصدد، وكذلك إن أهم كتاب للطبقات وهو طبقات ابن سعد لم يشر إلى شيء من ذلك في طبقاته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير