تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنظرنا إلى عملهم ساعة، ثم غشينا النوم. فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صدر من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا، فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحركنا برجله. وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها، وبعد قوله يا أبا تراب قال: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله؛ قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا علي على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبل منها هذه. وأخذ بلحيته. (25)

إلا أن وصف علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأبي تراب ورد في حديث سهل بن سعد. قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بيت فاطمة فلم يجد علياً في البيت. فقال: "أين ابن عمك؟ " قالت: كان بيني وبينه شيء، فغاضبني، فخرج، فلم يَقِلْ عندي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإنسان: "انظر أين هو" فجاء، فقال: يا رسول الله! هو في المسجد راقد. فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مضطجع، قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه ترابٌ. فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسحه عنه، ويقول: "قم أبا تراب! قم أبا تراب" متفق عليه وأخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب نوم الرجال في المسجد. (26)

ينبع في العهد العباسي:

لعل أول وأهم الأحداث التي ارتبطت بالحجاز وأحد ثغوره (ينبع) في العهد العباسي "ثورة محمد بن عبدالله ذي النفس الزكية" رحمه الله. وهو محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو عبدالله الملقب بالأرقط، وبالمهدي، وبالنفس الزكية، ولد ونشأ بالمدينة، وكان يقال له صريح قريش، لأن أمه وجداته لم يكن فيهن أم ولد. (27)

ولما أعلن أبو العباس السفاح الخلافة عباسية رفض النفس الزكية مبايعته، ولما تولى أبو جعفر المنصور الخلافة لم تكن له همة إلا طلب النفس الزكية والسؤال عنه، واختار أبو جعفر رجلاً من رجاله يقال له عقبة بن أسلم، أعده لمهمة كشف حقيقة ما يخبئه آل علي له، واستطاع عقبة هذا أن يأخذ ما أراد من عبدالله بن الحسن بالحيلة والدهاء وعرف منه أن ابنيه محمد وإبراهيم خرجا لطلب الخلافة، فنقل ذلك لأبي جعفر، وفي رحلة حج للمنصور سجن عبدالله بن الحسن، ولم يكتف بذلك بل بعث عيناً له وكتب معه كتاباً على ألسنة الشيعة، إلى محمد يذكرونه طاعتهم، ومسارعتهم، وبعث معه بمال وألطاف، فقدم الرجل المدينة، فدخل على عبدالله بن حسن فسأله عن محمد فذكر له أنه في جبل جهينة (أي جبل رضوى بينبع) وقال: امرر بعلي بن حسن، الرجل الصالح، الذي يدعى الأغر وهو بذي الإبر، فهو يرشدك، فأتاه فأرشده. ولكن كان لأبي جعفر كاتب على سره متشيعاً، فكتب إلى عبدالله بن حسن بأمر ذلك العين، وما بُعث له، فقدم الكتاب على عبدالله، فارتاعوا وبعثوا أبا هبار إلى علي بن الحسن وإلى محمد ليحذرهم الرجل، فخرج أبو هبار حتى نزل بعلي بن حسن، فسأله فأخبره أن قد أرشده اليه، قال أبو هبار: فجئت محمد إلى موضعه الذي هو به، فإذا هو جالس إلى كهف معه عبدالله بن عامر الأسلمي، وابني شجاع وغيرهم، والرجل معهم أعلاهم صوتاً، وأشدهم انبساطاً، فلما رآني ظهر عليه بعض النكرة، فجلست مع القوم، فتحدثت ملياً، ثم أصغيت إلى محمد، فقلت: إن لي حاجة فنهض، ونهضت معه فأخبرته بخبر الرجل، فاسترجع، وقال: فما الرأي؟ فقلت: إحدى ثلاث أيها شئت فافعل، قال: وما هي؟ قلت، تدعني فأقتل الرجل قال ما أنا بمقارف دماً إلا مكرهاً: أو ماذا؟ قلت توقره حديداً تنقله معك حيث انتقلت قال: وهل بنا فراغ له من الخوف والإعجال: وماذا؟ قلت تشده، وتوثقه وتودعه بعض أهل ثقتك من جهينة. إلا أن هذا الرجل عين أبي جعفر هرب منهم وأبلغ المنصور بأمرهم. واشتد طلب المنصور لمحمد بن عبدالله، وخرج إلى محمد النفس الزكية والي ينبع من قبل المنصور بالخيل والرجال، فهرب النفس الزكية من جبل رضوى، وأثناء ذلك أفلت له ولد صغير من الجبل فتقطع.

ولما حج المنصور سنة 144هـ وفي عودته من الحج أخذ معه بني الحسن وجعلت القيود والسلاسل في أرجلهم وأعناقهم، وكان يراقب هذا الموقف جعفر الصادق من وراء ستر وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته وهو يدعو الله ثم قال: والله لايحفظ الله حرميه بعد هؤلاء، وكان محمد وأخوه إبراهيم يأتيان إلى أبيهما ويستأذنانه بالخروج ويقول لاتعجلا حتى يمكنكما ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير