تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي العام 872هـ عادت ينبع إلى واجهة الأحداث معلنة بداية صراعات مسلحة وأحداث سياسية متلاحقة، عندما قتل سبع وسّباع ولدا هجار من أمراء ينبع، ويشير ابن فهد إلى أنهما قتلا في صراع مع قطاع طرق للحج، ويذكر ابن إياس أن أمير ينبع خنافر بن وبير قتلهما، فكانت تلك الحادثة بداية سلسلة من الصراعات انطلقت من ينبع. (36)

وفي عام 875هـ أقر السلطان الأشرف قايتباي في إمرة ينبع الشريف سبع بن خنافر. ونال هذا الشريف أيضاً خِلَع السلطان عام 883هـ، وتقرير ما له في إمارة ينبع.

ففي ينبع قام الأمير دراج (من نسله الأشراف ذوي هجار القاطنين بينبع النخل إلى الوقت الحاضر). بدور نبيل في حفظ مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من عبث أميرها حسن بن الزبير الذي تهجم على مخزون الحجرة الشريفة، ودخل المدينة في شهر ربيع الأول من عام 901هـ وسيطر على الأوضاع بالمدينة واطمأن الناس بوصوله إليها.

إلا أن هذا الأمير دراج توفي عام 902هـ، وتنازع أبناؤه على إمرة ينبع فبرز منافس قوي من الأشراف لأبناء دراج على الإمارة فتح باباً لصراع سياسي وعسكري فترة من الزمن هو يحيى بن سبع، وبالرغم من توليه الإمارة في جمادى الآخرة من عام 903هـ إلا أن ذلك لم يصدر من السلطان المملوكي إنما من أمير مكة فحمل هذا الأمير الينبعي على المماليك ودخل معهم في صراع مسلح مستعيناً بقبائل ينبع وما جاورها في قطع طريق قوافل أمراء الحج المماليك.

ودخل في حلبة هذا الصراع أمير مكي خارج على إخوته هو أحمد بن محمد بن بركات المعروف بالجازاني، وعاشت الحجاز فترة من الصراع الحامي حتى هُزِم ابن سبع عام 912هـ. (37)

وتواصلت الصراعات في مكة وما حولها بسبب الجازاني وابن سبع في هذا العام وما بعده، ونالت جُدة منها نصيباً، فما أن يخرج أمير من مكة حتى يهاجم جُدة ليسيطر على تجارتها ويجبي مكوسها ويمول عسكره ورجاله استمراراً للصراع المسلح. وقتل الجازاني عام 909هـ في شهر رجب وهو يطوف بالبيت العتيق.

وواصل أمير ينبع ابن سبع صراعه المرير مع الحجاج والمماليك، فما كان من السلطان قانصوه الغوري إلا أن أعد عدة حملات إحداها إلى مكة لقتال ابن سبع والأخرى إلى الكرك لقتال عرب بني لام حول العقبة والأخرى للهند لقتال البرتغاليين الذين أخذوا يهاجمون بلاد المسلمين في الهند وسواحل شرق أفريقيا ثم زحفاً إلى السواحل العربية في اليمن والحجاز.

وفي خضم الصراع الذي أحدثه ابن سبع أمير ينبع، أقر السلطان في العام 912هـ الشريف هجار بن دراج أميراً لينبع. أملاً في الحد من قوة يحيى بن سبع. وفي رمضان من نفس العام تمكنت حملة مملوكية من هزيمة يحيى بن سبع وجماعته وأتباعه إلا أن يحيى بن سبع استطاع الهرب. وتواصل الصراع وفي شوال وذي القعدة هاجم جيش مملوكي ينبع ودارت رحى معركة كبيرة بين الطرفين كانت الهزيمة على يحيى بن سبع، وقد غالى المماليك في الفتك والقتل بأهالي ينبع، ولما وصل الخبر إلى القاهرة احتُفل احتفالٌ كبيرٌ بهذا النصر، وحملت رؤوس أشراف ينبع على الرماح يُدار بها في شوارع القاهرة.

وفي حملة أخرى عام 913 تمكن المماليك من الانتصار على يحيى بن سبع وأعوانه من الأعراب وحملت إلى القاهرة ثمان مئة رأس من رؤوس العرب من بني إبراهيم الذين قتلوا في المعركة، وأشهرت على رؤوس الرماح في شوارع القاهرة.

ويرى السيد محمد بن عبدالله الحسيني الشهير بكبريت المدني صاحب "رحلة الشتاء والصيف" أن من أسباب انهيار دولة المماليك، ومقتل قانصوه الغوري مبالغته في قتل أشراف ينبع حتى بنى من رؤوسهم مسطبة، جلس عليها أمراء عسكره. (38)

ولما دخل العام 914هـ، سعى يحيى بن سبع للتقرب من السلطان المملوكي طالباً الصفح فأرسل ابنه، فأُعطى الأمان، وأُخلع عليه، وطلب منه إحضار أبيه. وفي رجب حضر يحيى بن سبع، فأرسل إليه السلطان أماناً، فدخل القاهرة، وأخلع عليه السلطان، ومنع من التعرض له. (39)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير