تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[10 - 07 - 07, 08:40 ص]ـ

بلاط الرشيد محط أنظار العالم

ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة (183هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر (1).

................

1 - فبذلك نعرف أن المسلمين هم من اخترع الساعة.

ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[10 - 07 - 07, 08:50 ص]ـ

تعظيم الرشيد لحرمات الدين، وتأثره بالموعظة

قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي وحدثه بحديثه صلى الله عليه وآله وسلم "ووددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحي فأقتل" فبكى حتى انتحب.

ذكر ابن حجر في لسان الميزان:

"عن هارون الرشيد أنه قال: بلغني أن بشراً يقول القرآن مخلوق علي أن أظفرني الله به أن أقتله."

وورد في سبر أعلام النبلاء:

" عن عبدالله الانباري، قال: سمعت فضيلا يقول: لما قدم هارون الرشيد إلى مكة قعد في الحجر هو وولده، وقوم من الهاشميين، وأحضروا المشايخ، فبعثوا إلي فأردت أن لا أذهب، فاستشرت جاري، فقال: اذهب لعله يريد أن تعظه، فدخلت المسجد، فلما صرت إلى الحجر، قلت لادناهم: أيكم أمير المؤمنين؟ فأشار إليه، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فرد علي، وقال: اقعد، ثم قال: إنما دعوناك لتحدثنا بشئ، وتعظنا، فأقبلت عليه.

فقلت: يا حسن الوجه، حساب الخلق كلهم عليك.

فجعل يبكي ويشهق، فرددت عليه، وهو يبكي، حتى جاء الخادم فحملوني وأخرجوني، وقال: اذهب بسلام"

وورد أيضا في تاريخ دمشق:

" أخذ هارون الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه، فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي يا أمير المؤمنين؟ قال: أريح العباد منك،قال: فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلها ما فيها حرف نطق به رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري،وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها حرفا حرفا"

وروي أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال: على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال:

بنصف ملكي،قال:

اشرب هنأك الله تعالى فلما شربها، قال:

أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشترى خروجها، قال:

بجميع ملكي،قال:

إن ملكا قيمته شربة ماء وبوله لجدير أن لا ينافس فيه، فبكى هارون الرشيد بكاء شديدا.

وقال ابن الجوزي: قال الرشيد لشيبان: عظني،قال: لأن تصحب من يخوفك حتى يدركك الأمن خير لك من أن تصحب من يؤمنك حتى يدركك الخوف، فقال الرشيد: فسر لي هذا،قال: من يقول لك أنت مسئول عن الرعية فاتق الله أنصح لك ممن يقول أنتم أهل بيت مغفور لكم وأنتم قرابة نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم، فبكى الرشيد حتى رحمه من حوله.

وجاوزت خشيته من الله الحدود، فكان جسده يرتعد، ويسمع صوت بكائه إذا وعظه أحد من الناس، يحكي أنه جالس (أبا العتاهية) الشاعر، وكلف أحد جنوده بمراقبته، وإخباره بما يقول، فرآه الجاسوس يومًا وقد كتب على الحائط:

إلى ديان يوم الدين نمضي ... وعند الله يجتمع الخصوم.

فأخبر الجاسوس الرشيد بذلك، فبكي وأحضر أبا العتاهية، وطلب منه أن يسامحه، وأعطاه ألف دينار.

وقال الأصمعي: وضع الرشيد طعامًا، وزخرف مجالسه وزينها، وأحضر أبا العتاهية وقال له: صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا، فقال أبو العتاهية:

فعش ما بدا لك سالمًا ... في ظل شاهقة القصور.

فقال الرشيد: أحسنت ثم ماذا؟ فقال:

يسعى إليك بما اشتهيت ... لدى الرواح وفي البكور.

فقال: حسن؟ ثم ماذا؟ فقال أبو العتاهية مندفعًا:

فإذا النفوس تقعقعت ... في ظل حشرجة الصدور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير