تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليلي بعد بينهموا طويل ... فأين مضت لياليّ القصارُ

وقد حكم السهاد على جفوني ... تساوى الليل عندي والنهارُ

سهادي بعد نأيهموا كثير ... ونومي بعدما رحلوا غرارُ

فمن ذا يستعير لنا عيونا ... تنام وهل ترى عينا تُعارُ؟!

فلا ليلي له صبح منير ... ولا وجدي يقال له عثارُ

وكم من قائل والحي غادٍ ... يحجّب ظعنه النقع المثارُ

وقوفك في الديار وأنت حي ... وقد رحل الخليط عليك عارُ

ولكن العاقل هو الذي يستفيد من دروس الزمان، والقصص التي تجري على الإنسان في حياته.

وهذه القصة لها فوائد:

منها: الاستفادة من قصص التاريخ، حيث يجب على الإنسان أن يعي قصص التاريخ ويدرسها، حتى لا يقع في الخطأ الذي وقع فيه غيره، وحتى لا يكون ضحية مؤامرة قد وقع مثلها في سالف الأزمان، وهذه سنة الله جل وعلا أن تتكرر الوقائع والأحداث وصاحب البصيرة هو الذي يقلب التاريخ.

ولذا فالواجب على المؤرخين والعقلاء، وولاة الأمور الذين ولاهم الله سبحانه وتعالى على الناس أن يطلعوا على قصص التاريخ، ويعرفوا مكائد العدو، حتى لا يُدخل عليهم من حيث لا يشعرون.

ومنها: الحذر من تقريب العدو وإبعاد الصديق، ويقال إن سقوط دولة بني أمية كان سببه أنهم أبعدوا الصديق لأنهم قد أمنوا جانبه، وقربوا العدو واتخذوه صديقاً حتى يأمنوا شره!!

فما الذي حدث؟!

بقي العدو على عداوته وازداد عداوة وتمكينا، وأصبح الصديق عدواً.

لم؟

لأن الصديق إذا حرمته، ولم يجد منك وداً ولا مكانة، لعله لا يصبر فينقلب إلى عدو، وهذه فائدة مهمة ودرس مهم، ولذلك إذا وُجد الصديق يجب أن يعطى المكانة التي تنبغي له، وإذا وجد الإنسان الذي يرى منه حرصه على الأمة وعلى سلامة الناس وعلى توجيههم التوجيه السليم أن يُتخذ صديقاً، وأن يُعطى قدره الذي ينبغي له.

ومن الفوائد: اتخاذ المعين الصالح والمستشار المؤتمن، ولذلك قال الإمام ابن حبان البستي: "رؤساء القوم أعظمهم هموماً، وأدومهم غموماً، وأشغلهم قلوباً، وأشهرهم عيوبا، وأكثرهم عدواً، وأشدهم أحزاناً، وأكثرهم في القيامة حساباً، وأشدهم -إن لم يعفو الله عنهم- عذابا، ومن أحسن ما يستعين به السلطان على أسبابه، اتخاذ وزير عفيف ناصح، فإن الوزير إذا غفل الأمير ذكره، وإذا ذكر أعانه، وإن سولت له نفسه سيئة صده، وإذا أراد طاعة نشّطه، فهو المحبب له إلى الناس، والمستجلب له دعاءهم".

وقال رحمه الله: "الواجب على السلطان قبل كل شيء أن يبدأ بتقوى الله، وإصلاح سريرته بينه وبين خالقه، ثم يتفكر فيما قلده الله من أمر إخوانه ورفعه عليهم، ليعلم أنه مسؤول عنهم في دق الأمور وجلها، ومحاسب على قليلها وكثيرها، ثم يتخذ وزيراً صالحاً عفيفاً نصوحاً، ولا يدوم مُلْكُ ملكٍ إلا بأعوان تطيعه، ولا يطيعه الأعوان إلا بوزير، ولا يتم له ذلك إلا أن يكون الوزير ودوداً نصوحاً، ولا يوجد ذلك من الوزير إلا بالعفاف والرأي، ولا يتم قوام هؤلاء إلا بالمال، ولا يوجد المال إلا بصلاح الرعية، ولا تصلح الرعية إلا بإقامة العدل، فكأن ثبات الملك لا يكون إلا بلزوم العدل، وزواله لا يكون إلا بمفارقته".

وقال بعض الكتّاب: "إن السلطان إذا كان صالحاً ووزراؤه وزراء سوء منعوا خيره، فلا يقدر أحد أن يدنو منه، ومثله في ذلك مثل الماء الطيب الذي فيه التماسيح، لا يقدر أحد أن يتناوله وإن كان إلى الماء محتاجاً، وإنما الملك زينته أن يكون جنده ووزراؤه ذوو صلاح، فيسددون أحوال الناس، وينظرون في صلاحهم".

وكان كسرى يُعرف بالحكمة، ومن أقواله: "إنما الملك بالأعوان".

ومن فوائد هذه القصة: أنه ينبغي تقوية جيش المسلمين، خصوصا إذا كانت تلك البلاد مما يخاف عليها المسلم، ويظنها بعد الله ملجأ إذا حدث أي حادث، ومما يجب حمايتها، فيجب تكثير الجيش والإغداق عليهم، وأذكر مثالاً: هذه دولة النمسا يقال إن عدد أهلها أربعة ملايين، ومع ذلك لا تطمع أكبر دولة أن تقتحمها. لم؟!

يقال: لأنهم يجندون مليوني شخص، كلهم مدربون على السلاح، ومتى احتيج لهم وجُدوا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير