ـ و بالنسبة للفينيقيين "ملوك البحر" فقد سجَّل المؤرخ الاغريقى هيرودوت "الملقب بأبي التاريخ" في تاريخه مغامرةً عجيبة قام بها جماعة من الفينيقيين على متن عشر سفن تحت امرة أمير البحر كودمو مؤسس أثينا ومرافئ جزر قبرص وكريت "كريطا"، حيث هبت عليهم عاصفة بحرية فى الساحل الافريقى قبالة البرازيل، وتشير الأخبار التى أوردها المؤرخ هيرودوت فى تاريخة الى مختلف البطولات والمآثر التى قام بها كودمو حيث قام فى مناسبتين بالدوران حول الأرض بعد أن عبر بحرين ونزل وأصحابة عدة مرات فى العديد من السواحل، وبطولات من هذا القبيل معروفة عن الفينيقيين خاصة فى البحار.
ـ و مما يؤيد ما ذكره هيرودوت أنه اكتشِف عام 1872 م في البرازيل ـ في ساحل باريبا ـ حجرة غريبة متناسقة بها مخطوطاتٌ فينيقية مكتوبة منذ قرابة 25 قرنا، حيث اكتشفها أحد أبناء تلك المنطقة، و في عام 1899م كانت المفاجأة الكبيرة عندما أعلن الباحث الآثرى (الاركيبولوجى) الكبير سيروس جوردن أن الحجرة المكتشفة حقيقية و أصلية، و وثيقة فينيقية من إضبارة العالم القديم في تاريخ العالم الجديد.
5ـ و بعد حجرة (بارايبا) تم العثور فى تواريخ غير بعيدة على دلائل أخرى تؤكد وجود الفينيقيين فى البرازيل، ففى مصب نهر الأمازون تم اكتشاف أشكال خزفية عليها عدة رسوم فينيقية والتى يمكن للمرء أن يراها ويتأملها فى متحف (بويل دى بليم) فى البرازيل، كما تم العثور على عدة معالم فى مناطق الغابات فى أدغال (ماطود جرسو ذات خصائص تشبه إلى حد بعيد البقايا والآثار التى اكتشفت فى تواحى صيدا.
6ـ يضاف إلى ذلك سلسلة من الافتراضات التى تشير إلى رحلات عبر القارات قامت بها شعوب أخرى مثل الفايكنج واليابانيين الذين يقال إنهم وصلوا إلى المكسيك عام 495 قبل الميلاد، ولايف اريكسون الذى يقال إنه وصل إلى هذه الأرض الجديدة عام 1000 قبل الميلاد.
7ـ إلاَّ أن رحلة كولومبس باحثا عن الذهب الآسيوي ثم وصوله إلى شواطئ جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 كانت هي المنعطف الكبير في تاريخ تلك القارة، بل و تاريخ العالم أجمع.
5 ـ الوجود الاسلامي في أمريكا:
أـ الشواهد من التراث الاسلامي:
1ـ ذكر المؤرخ المسعودي كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" المكتوب عام 956 ميلادية، أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود، عبر بحر الظلمات مع جماعة من أصحابه إلى أن وصل إلى الأرض وراء بحر الظلمات، ورجع سنة 889م، وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الأرض التي وصلها، ووصفهم، ولذلك لما رسم المسعودي خريطة للعالم، رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها: الأرض المجهولة بينما يسميها الإدريسي بالأرض الكبيرة أي إنه في القرن التاسع الميلادي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات.
بينما لا يزال الأوروبيون حتى في خرائطهم وكتبهم أمريكا بالهند الغربية " L’Inde Occidental. West India". ، بل كريستوف كولومب، والذي ذهب إلى تلك الأرض وعاد وعاش ومات، مات وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند، و لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة. ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي
2ـ كما سجل المؤرخ عمر بن القوطية رحلة ابن فروخ الأندلسي عام 999م، ومما يظهر من كلامه: أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا، غير أنه زار جزر كناريا " Canaries"، في المحيط الأطلسي، وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الأطلسي، ووصف أهالي كناريا ثم عاد إلى الأندلس.
3ـ وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت، وربما يعرفها جميعنا، وهي قصة الشريف الإدريسي الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي بين 1099 - 1180م، والذي كان من سبتة، شريفا حمّوديا إدريسيا، وكان هو العالم الجغرافي الذي اصطفاه "روجر"، الملك النورماندي لصقلية، الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين تجاه الإسلام، ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم.
ففي كتابه "الممالك والمسالك" جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم: جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة، وكانت في يد المسلمين وقتها، وقطع هؤلاء المغامرون بحر الظلمات، ورجع بعضهم، وذكروا قصتهم وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها. والغريب في الأمر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون بالعربية هناك
¥