13ـ وزيادة على كل ما ذكر، هناك آثار للوجود الإفريقي الإسلامي في أمريكا، في شيئين هامين: تجارة الذهب الإفريقي، وتجارة القطن، قبل كولومبوس. ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت تعتمد على تجارة الذهب بشكل خاص، و من السهل معرفة الذهب الإفريقي في أي مكان كان، لأنه يرتكز على التحليل التالي: لكل 32قسمة من الذهب يوجد 18 من الذهب، و6 من الفضة، و8 أقسام نحاس، وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي، وخاصة منذ القرن الثالث عشر، و قد وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا.
و بالنسبة لتجارة القطن؛ فمن المعلوم أنه لم يكن هناك أي نوع من زراعة القطن في أمريكا،، وتعجب كولومب نفسه في كتاباته حيث قال: "إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات". و لذلك فلا بد أن يكون قد جاء من إفريقيا الغربية.
14ـ في عام 1994م، كتب ا لباحث اللبناني الدكتور علي مروة ـ الذي يدرِّس في احدى جامعات نيويورك ـ بحثا بمناسبة مرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا المزعوم،، وهو في عشر صفحات بالإنجليزية. ومضمونه: أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا، إنما كان المسلمون قبله منذ القرن الثامن الميلادي، ومن ضمن هذه الإضافات التي ذكرها: نقول عن كتاب "مروج الذهب" للمسعودي، والتي تنص على علاقات بين المممالك الإسلامية في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته، بعض الآثار الإسلامية، وبعض المعالم الإسلامية التي شاهدها، ومن ذلك: أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد مسجدا مبنيا على تل من تلالها، ووصف ذلك المسجد. وهذا يدل على أنه حتى في كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة.
ومن المفيد في هذا البحث: أنه نقل عن حوالي ثلاثين مرجعا، وتلك المراجع أغلبها كتبت في أمريكا وفي أوروبا، أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها، أحدها مقال في بعض الجرائد الغربية يقول: "لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس". كما نص المقال على وجود جامعات إسلامية في أمريكا الشمالية قبل كولومب، وهذه المعلومة تجعلنا نتساءل: ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي أنتجته تلك الجامعات، وأين هو؟
و هناك بحث للدكتور علي الكتاني رحمه الله باسم: "الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب" مفيد جدا، و قد استفدت كثيرا من بحثه رحمه الله، و هو على هذا الرابط: www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987 - 306k -
ماذا تبقَّى من الوجود الاسلامي في أمريكا:
لا شك أن الشعوب المتغطرسة لا تزال على محو وجود الشعوب المستضعفة الأخرى، في محاولات متواصلة لطمس و تحريف تاريخ تلك الشعوب.
ولا شك أن العلاقات بين الشطر الغربي من العالم الاسلامي و بالذات المغرب والأندلس كانت متواصلة مع ما يسمى اليوم بأمريكا، وحسب ما يقرره معظم العلماء الآن – سواء من الطرف الإسباني أو من الطرف الأميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل كريستوف كولومبوس كان الإسلام منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها، وأن أول عمل قام به الكونكيسادور " Conquistador" – الإسبان النصارى – هو متابعة هجومهم على الإسلام الذي كان في الأندلس، بالقضاء على الإسلام والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلامي في تلك القارة.
الغرب و حروب الإبادة:
إن من ابشع الإبادات العرقية ـ خلال تاريخ البشرية ـ هي تلك الإبادة التي تعرض لها الشعب الذي اطلق عليه اسم (الهنود الحمر)، إبادة استهدفت وجود الشعب وثقافته وتاريخه ومستقبله.
وقد ظهر مؤخرا كتاب لراهب مسيحي كان مع الاسبان أثناء غزو اميركا الجنوبية، و الذي تحركت فيه بعض احاسيس بشرية كانت قد ماتت عند جميع مرافقيه فحاول ثنيهم عما يعملون ولكنه فشل ولقي منهم كل عدوان ثم لجأ الى الملك والملكة وكذلك فقد فشل ولم يجد بداً من الكتابة لأجل الحقيقة.
يصف هذا الراهب عمليات الإبادة والقتل والحرق ورمي الاطفال على الصخور لتتناثر ادمغتهم امام امهاتهم بكل صلف، كما يصف عمليات النهب والسلب لشعب بريء مسالم، لم يعرف حتى ادوات الحرب التي توصل اليها هؤلاء.
¥