ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[21 - 07 - 07, 03:25 م]ـ
المطلب الثالث: من أصول دعوته
أولا: الدعوة إلى التوحيد ومحاربة الشرك
هذا أمر اشتهر به الشيخ الطيب العقبي، إلى درجة ارتباط النهي عن مظاهر الشرك عند أكثر العامة باسم الطيب العقبي، وربما سمي دعاة التوحيد في منطقة الوسط بالعقبيين، وقد كان محور خطبه ودروسه وكتابته هو بيان التوحيد والنهي عن الشرك، إضافة إلى الترغيب في السنن والنهي عن البدع العملية، وقد صرح في قصيدة "إلى الدين الخالص" بنسبته إلى العقيدة السلفية فقال:
مذهبي شرع النبي المصطفى ** واعتقادي سلفي ذو سداد
خطتي علم وفكر ونظر ** في شؤون الكون بحث واجتهاد
وطريق الحق عندي واحد ** مشربي مشرب قرب لا ابتعاد
ومما قاله الشيخ في هذا الباب ـ البصائر:1/ع3/ص2 ـ:" فمن أنت أيها الإنسان؟ وإذا عرفت من أنت فما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك فجهلت ما حقك أن تعلم وعملت غير ما يتوجب عليك العلم، وآمنت إيمان المقلد عن غفلة وجهل وتوجهت بأعمالك وأقوالك لغير متجه صحيح وانتحيت مناحي الضلال والخسران وأصبحت تدعو من دون الله أو مع الله من لا يستجيب لك، ولا برهان لك على دعائه ولا سلطان لديك في جواز عبادته، بل أوجب ذلك عليك، وضللت عمن هو أقرب من حبل الوريد إليك".
وقال أيضا:
لا أنادي صاحب القبر أغث ** أنت قطب، أنت غوث وسناد
قائما أو قاعدا أدعو به ** إن ذا عندي شرك وارتداد
لا أناديه ولا أدعو سوى ** خالق الخلق رؤوف بالعباد
من له أسماؤه الحسنى وهل ** أحد يدفع ما الله أراد؟
مخلصا ديني له ممتثلا ** أمره لا أمر من زاغ وحاد
تهمة الوهابية:
وكسائر الدعاة السائرين على منهاج النبوة، فإن الشيخ العقبي قد ابتلي بمن يصفه بالأوصاف المنفرة عن دعوته كالتشدد والتكفير ونحوها، والذي يهم أكثر ويجمع كل تلك التهم تهمة الوهابية، فقد جاء في منشور ميشال الذي به أوقف الشيخ العقبي عن التدريس ما يلي:" إن القصد العام من هذه الدعاية ـ أي دعوة العقبي ـ هو نشر تعاليم وأصول الوهابية بين الأوساط الجزائرية بدعوى الرجوع بهم إلى أصول الدين الصحيح وتطهير الإسلام من الخرافات القديمة التي يستغلها أصحاب الطرق وأتباعهم" ـ 1/ع31/ص3 ـ وهذا مما يشعر أن الطرقية هم من كان وراء هذا القرار وإلا فما بال ميشال والوهابية؟! كما نقل الشيخ عن الذين انشقوا عن جمعية العلماء وأسسوا جمعية الضرار أنهم إنما وصفوا جمعيتهم بجمعية علماء السنة ليوهموا الناس أن جمعية العلماء المسلمين جمعية الضلال والبدع وأن هدفها نشر الوهابية. ـ البصائر 1/ع36/ص2 ـ
ثانيا: الدعوة إلى إحياء السنن والاجتهاد
إنه مما يتفق عليه الأولياء والأعداء أن الشيخ الطيب العقبي كان أشد رجال الجمعية نهيا عن البدع وحرصا على إتباع السنن، حيث كان لا يبالي بتشنيع المعارضين، ولا بكثرة الناس الضالين والمخالفين، وقد كانت دعوته هذه ومنهاجه الذي سار عليه مبنيا على أصول علمية وقواعد مضبوطة، فإنه كما اشتغل بالرد على أهل الباطل والنهي عن المنكر، قد اشتغل ببيان الحق بالحجة والبرهان، وخاطب في ذلك العقول والوجدان، فقرر في بعض المواضع قاعدة " كمال الدين" التي هي منطلق محاجة كل مبتدع في الدين مبدل في الشرع فقال:" ولن يجد الكمال في هذا الإسلام الذي هو دين الأنبياء والمرسلين كلهم ودين الفطرة التي فطر الناس عليها، إلا في كتاب الله الذي أكمل الله به الدين، ولن يستطيع العمل به والوقوف عند حدوده حتى يؤمن به، وليس بمؤمن من لا يعلم، وليس بعالم من لا يعقل، كما أنه ليس بمؤمن من لا يذعن ولا يعمل" ـ البصائر: 1/ع3/ص2 ـ وقال مبينا أن الابتداع مضاهاة لله تعالى في شرعه:" وإذا كان التشريع لله وحده، فليس لكائن من كان أن يشرع لنفسه أو لغير نفسه من الدين ما لم يأذن به الله مهما كانت مقاصده في هذا التشريع، ومهما ادعى من ابتغاء قربة ووسيلة، إذ يكفي في رفع الحرج عمن تجاوز الحدود وافتات في فرض الشرائع على الناس، وتقنين قوانين العبادة والديانة أن يكون حسن النية سليم القلب طيب السريرة زاعما أنهه بما شرع وابتدع يبتغي إلى الله الوسيلة، ويزيد التقرب منه، بل عمله هذا مما يوقعه في الحنث العظيم والجوب الكبير، ذلك لأن النية مهما كانت حسنة لا تغير من حقائق الأشياء ولا تصير المتبوع
¥