تابعا والمشروع له شارعا ... ولا يعقل أن يتوسل إلى الله بغير دينه المشروع وشرعه الذي ينبغي أن يدان به ويتبع، ولا أظلم ولا أطغى ممن يبتغي الوسيلة بغير ما جاء به الدين". ـ البصائر: 1/ع3/ص1 ـ.
وقال في الرد على أحد الطرقية:" وهو الذي يقيم الحفلات البدعية والزردات الشركية بما فيها من بيع شموع، وتصرف في ملكوت الله الأعلى، وأخذ عشرات الآلاف من أموال الضعفاء المغفلين الذين ينصب عليهم ويحتال لأخذ أموالهم باسم الصلاح والولاية والدين، وخوف الله وطاعة رب العالمين! ". البصائر: ـ 1/ع26/ص3 ـ
ومما قاله ـ رحمه الله ـ في قصيدته عن البدع وأهلها:
أيها السائل عن معتقدي ** يبغي مني ما يحوي الفؤاد
إنني لست ببدعي ولا ** خارجي دأبه طول العناد
يحدث البدعة في أقوامه ** فتعم الأرض نجدا و وهاد
ليس يرضى الله من ذي بدعة ** عملا إلا إذا تاب وهاد
وكذلك قال مبينا موقفه من التقليد الأعمى، وشارحا مصادر التلقي عند السلفيين:
لست ممن يرتضي في دينه ** ما يقول الناس زيد وزياد
بل أنا متبع نهج الألى ** صدعوا بالحق في طرق الرشاد
حجتي القرآن فيما قلته ** ليس لي إلا على ذاك استناد
وكذا ما سنه خير الورى ** عدتي وهو سلاحي والعتاد
ثالثا: الدعوة للاجتماع
قال ـ رحمه الله ـ حاكيا عن مسيرة العلماء في هذه البلدة الطيبة مبينا فضل الاجتماع:" فمن الله علينهم بجمع الشمل واتحاد الكلمة، وما كان أسرع انضمام الحق إلى بعضه وأروز الإيمان إلى قلوب أخلصت النية لله فتحابت فيه واجتمعت عليه، ولقد علموا أن جهود الفرد محدودة، وعمله وإن اتحد مع أمثاله في التفكير والعقيدة لا يكاد يأتي بالنتيجة المحققة ويوصل إلى المراد بسرعة، هذا إذا كانت الغاية المطلوبة مما ترجع فائدته على الفرد، فكيف إذا كان النفع المطلوب والفائدة المقصودة لأمة كاملة؟ وهيهات الوصول إليها دون قيام الجماعات واتحاد الأفراد والجمعيات ومواصلة العمل من الجميع والسير المتحد في طريق الوصول إلى الغاية الشريفة والمقاصد النبيلة". ـ 1/ ع 46 /ص 2 ـ
رابعا: تحرير الإنسان قبل تحرير الأرض
قد كثر التساؤل عن موقف جمعية العلماء من المطالبة بالإستقلال، وعن سير توجهها نحو الإصلاح الديني وانصرافها عن المواجهة السياسية مع فرنسا فضلا عن غيرها، والجواب عند أنصار الفكرة الإصلاحية والمنصفين من المؤرخين معلوم، فالأمر بينه العلماء صراحة أن بلاء الجزائر سببه استعماران: استعمار مادي: وهو استعمار الفرنسيين، واستعمار روحي: وهو استعمار الطرقية، والثاني هو أصل الأول وسبب استمراره، ولأجل ذلك كان الإصلاح الديني عندهم مقدما، فإنه لا يتصور تحرير الأرض من دون رجال أحرار يقومون به، وقد جاء في البصائر تلخيص لخطاب ألقاه الشيخ العقبي سنة 1937 م يوضح هذا المعنى، قال الكاتب: " وبين أنه لا يوافق السيد مصالي الحاج ومن معه من الإخوان على فكرة الاستقلال الذي هو بعيد عن الأمة الجزائرية، وهي بعيدة عنه ما دامت لم تستقل في أفكارها وكل مقومات حياتها، وما دامت لا تقدر أن تحرر نفسها من ربقة بعض المرابطين واستعبادهم لها باسم الدين فكيف يطير من لا جناح له ولا ريش" ـ 1/ ع 31 / ص 1 ـ فهذا رأي العقبي في مسألة الإصلاح وما يتعلق به، وقد أظهره قبل اتهامه في قضية كحول، ومنه يظهر خطأ من فرع على الحادث كل مواقف الشيخ بعد ذلك.
خامسا: الابتعاد عن المناصب الرسمية
قال فرحات بن الدراجي في قضية الاعتقال:" وهنا يجمل بي أن أقف وقفة قصيرة على أطلال الحادثة لأقوم بما علي نحو أستاذي وصديقي الأستاذ العقبي .. أيها الزعيم لقد هال أعدائك أعداء الحق تلك الصراحة التي لم يعرفوا لها نظيرا في هذا الوطن التعيس، والتي حطمت بها أوهامهم، وفضحت بها أسرارهم، لقد هالهم منك ذلك العزوف غن الدنيا ولذائذها والوظائف الخاصة وأوضاعها، كما هالهم منك احتقارك لخبزتهم المسمومة التي تترك الإنسان مجردا من الإرادة القوية والضمير الحر، كل هذا راعهم منك فباتوا يبرمون لك المكائد ويختلقون عليك الإجرام، ولكن الله سلم والله أكبر ولله الحمد".
يتبع
ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[21 - 07 - 07, 03:40 م]ـ
المطلب الرابع: آثاره وثناء العلماء عليه
أولا: آثاره وتلاميذه
¥