تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد يومين من الاجتماع أرسل العقبي كتاب الاستعفاء لابن باديس، وكان الكتاب يعبر عن تضحية من العقبي أكثر مما يعبر عن ضعف أصابه أو شقاق قصده، لأن العقبي لم يكن ضعيف الشخصية حتى ينسلخ تحت وطأة ظروف آنية من المجلس الإداري للجمعية التي عاش لها حوالي العقدين يدافع عن مبادئها، فليس هناك فترة قوة وفترة ضعف في حياة العقبي من حيث عقيدته الإسلامية وحركته الإصلاحية. والحق أن استعفاء العقبي كان تضحية منه في سبيل الحفاظ على كيان الجمعية والحرص على قوتها وتماسكها، وبذلك تفادى الصدام المحتوم بينه وبين أعضاء من الجمعية، ومسألة الخلاف في الرأي بين أعضاء الجمعية ـ حسب بعض المعاصرين ـ قضية خاصة لحالة انتهت بنهاية وقتها وظروفها الشاذة، وقد عبر شاعر النهضة محمد العيد آل خليفة عن تلك الظروف معتبرا كل من الطرفين مصيبا في اجتهاده ومحق فيما وصل إليه فقال:

خصمان فيما يفيد الأمة اختصما ** إياك أن تنقص الخصمين إياك

كلاهما في سبيل الله مجتهد ** فلا تلومن لا هذا ولا ذاك

وعموما واصل العقبي مسيرته الإصلاحية في إطار مبادئ الجمعية بعد خروجه منها، من خلال دروسه في المساجد ومحاضراته في نادي الترقي، وكتابته في جريدته الإصلاح الثانية، هذه الجريدة التي حظيت بمباركة علماء الجمعية من خلال رسائل التهنئة والتشجيع التي بعثوا بها إلى العقبي.

واعتبر ابن باديس اختفاء العقبي من مسرح الجمعية معناه إزالة الجمعية تماما من الوجود، وهو من وصفه في وقت مضى بقوله:" من ذا الذي لا يتمثل في ذهنه العلم الصحيح والعقل الطاهر والصراحة في الحق، والصرامة في الدين والتحقق بالسنة والشدة على البدعة والطيبة في العشرة والصدق في الصحبة، إذا ذكر الأستاذ العقبي" ولا يعرف أهل الفضل إلا ذو الفضل.

أما العقبي فقد ظل على وفائه لرفاق دربه من العلماء، فقد عبر عن فاجعة موت الشيخ ابن باديس فكتب بيراعه يعزي نفسه والأمة بفقدان الشيخ بقوله:" فاجأتنا أنباء قسنطينة التلفونية والبرقية بوفاة رئيس جمعية العلماء الأستاذ الجليل الشيخ عبد الحميد بن بادي، فعز علينا نعيه وآلمنا فقده في هذه الظروف التي نحن أحوج ما نكون فيها إلى علم العلماء وإصلاح المصلحين الذين ضحوا بكل مرتخص وغال في سبيل الحركة الإصلاحية .. فمن للعلماء وجمعيتهم بعد ابن باديس؟ ومن للجامع الأخضر ودروسه بعد الراحل الكريم والفقيد العظيم الذي ترك فراغا لا يسده سواه، وخلف وحشة على العلماء والمصلحين لا مؤنس لهم من ورائها إلا الله فإنا لله وإنا إليه راجعون .. "

فعلماء الجمعية لم يكونوا في مستوى من البلادة أو السخف فيحملوا في قلوبهم النابضة بالعلم والإيمان حزازات وأحقاد دسها بعض المغرضين ممن يستطيب لهم الصيد في الماء العكر، كما عبر بذلك العقبي بقوله:" مات ابن باديس مبكيا مأسوفا عليه، فلتحقن ولتكفن لا مبكية ولا مأسوفة عليها حفائظ وحزازات وأحقاد كونتها أغراض شخصية ومقاصد سيئة لمن يلذ لهم الاصطياد في الماء العكر، وليتقوا الله في أنفسهم وفي إخوانهم المسلمين الذين هم في هذا الوقت أحوج ما يكونون إلى الإتحاد .. "

من مذكرة تخرج عنوانها " الشيخ الطيب العقبي رائد النهضة

الاصلاحية السلفية في الجزائر (1920 ـ 1960 م) تحت

اشراف الأستاذ أحمد مريوش السنة الجامعية:2004 ـ 2005 م

الطيب العقبي

ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[27 - 07 - 07, 03:36 م]ـ

من مواقف الشيخ العقبي يرويها الشيخ عبد الرحمن شيبان

ـ حفظه الله ورعاه ـ

...

أما الإمام الشيخ الطيب العقبي فأكتفي في ذكر مكانته العلمية والدينية والإصلاحية، ما سجله في شأنه رائد الحركة الإصلاحية الرئيس الأول الإمام المرحوم الشيخ عبد الحميد بن باديس في جريدته الشهاب العدد 158 بتاريخ 15 صفر 1357 هـ ـ 2 أوت 1928 م إذ يقول:" ... من ذا الذي لا يتمثل في ذهنه العلم الصحيح، والعقل الطاهر، والصراحةفي الحق، والصرامة في الدين، والتحقق بالسنة، والشدة على البدعة، والطيبة في العشر، ةوالصدق في الصحبة، إذا ذكر الأستاذ العقبي"

ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أروي لكم حادثة تتصل بالمسيرة النضالية للإمام المصلح المرحوم الشيخ الطيب العقبي تعبر عن مدى ما أوتيه من حكمة سياسية في التعامل مع السياسة الاستعمارية في السلم وفي الحرب معا.

من ذلك أني في بداية الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945 م) كنت مجندا في إحدى الثكنات العسكرية بالبليدة، فساروا بنا إلى حضور مهرجان إعلامي دعائي أقيم في قاعة سينمائية كبيرة، للتنويه بمحاربة الحلفاء للدولة الألمانية الباغية، وما هي إلا لحظات حتى رأيت مندهشا فيمن يرى المصلح الكبير الشيخ الطيب العقبي يصعد إلى المنصة ليطلب إلى الجزائريين الحاضرين من المدنيين والعسكريين تأييدا كاملا مطلقا لفرنسا وحلفائها، في حربها الدفاعية من أجل الحرية والعدل والديمقراطية في العالم، فإذا بالعالم المصلح الشيخ الطيب العقبي يفتتح خطبته بلمحة تاريخية للعالم العربي والإسلامي مع السياسة الاستعمارية الغاشمة التي درجت عليها فرنسا وبريطانيا في المشرق والمغرب، منددا بخيانة الحلفاء لوعودهم لمن ضحوا بدمائهم من الشعوب المستعمرة في سبيل انتصارهم سنة 1918 م، فكانت مقدمة خطاب الشيخ العقبي حخيبة مريرة للسلطة المدنية والعسكرية التي نظمت المهرجان الإعلامي والدعائي مما جعل منظمي المهرجان يقطعون التيار الكهربائي فانطفأت الأضواء وانقطع صوت الشيخ الجليل وتفرق الجمع، بابتهاج الجزائريين وحسرة من الإستعماريين مدنيين وعسكريين"

فرحم الله الشيخ الطيب العقبي رحمة واسعة

من الكلمة التي ألقاها الشيخ شيبان بمناسبة وفاة الشيخين الابراهيمي والعقبي ـ رحمهما الله ـ بنادي الترقي عشية يوم الخميس 20 ماي 2004 م ونشرت بجريدة البصائر العدد 193.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير