تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهل يمكن لرجل كانت هذه بعض أرائه، أن يتحول إلى رجل مسالم مع الطرقية؟ إلى درجة أنه صار يكتب في جرائدهم في الأربعينات، بل صارمن ألد خصوم الجمعية،فكان يتهم رئيسها الثاني بما هو براء منه؟ و يرميه بالعطائم؟ و نحن لا نشك في مروءته، و لا نطعن في دينه أو صدقه، ولكنّ الأحداث و المحن و الفتن، قد ترفع أُناساً كانوا في الحضيض، كما أنها قد تنقص من شأن آخرين كانوا قد بلغوا عنان السماء في الصدق و النبل. والذي نستخلصه من خلال عرضنا لهذه الحادثة، أنّه ينبغي للمتصدين لصناعة الرأي و توجيه الفكر، أن لا يغلو في دينهم و عليهم بالاعتدال و الوسطية، و أن لا يُذِلّوا أنفسهم بأن يحمّلوها ما لا تطيق من أعمال ... و أن يصبروا عند المحن و الفتن، و أن لا يفارقوا السواد الأعظم من المسلمين، حتى لا يحدثوا شرخا في الصفوف قد يستغله أعداء الدين و الوطن، فيكونوا فريسة يسهل مساومتها على المبادىء التي تؤمن بها، و أن يعلم من رمى بنفسه إلى أحضان أعداء أمّته، أنّه أول قربان يقدموه في سبيل مصالحهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك،و أن لا يغتر الإنسان بصلابته و شدته، فالعبرة بكمال النهاية، لا بنقصان البداية، و أن كل عمل جماعي معرض ٌ أصحابُه للشّقاق و لحدوث الشروخات فيه.

و قبل ختام المقال،يدعونا واجب النزاهة، و يقضي علينا بأن نذكر أنفسنا بمقامين اثنين:

- أولاً: أن من ثبتت عدالته و تواترت أفضاله،و صحّت مروءته، يجب علينا أن نلتمس له الأعذار،و نحسن فيه الظنون، و إذا اقتضى المقام الخوض في بعض أخطائه لتجنبها،فلا بدّ من بيان فضله و نبله، حتّى لا يكون غرضاً لسهام ألسنة الجُهّال.

قال الأستاذ محمد الطاهر فضلاء: "أفضال الشيخ الطيب العقبي من أفضال الله علينا في هذا الوطن، و ذكره بمحامده و مناقبه من أوكد واجبات الوفاء له،"ص 8،من كتابه " الطيّب العقبي رائداً لحركة الإصلاح الديني في الجزائر "

-ثانياً: نُقلَ عن بعض علماء الجرح و التعديل مِن سلف هذه الأمّة و هو الإمام يحيى بن معين رحمه الله تعالى أنّه قال:"إنّا لنطعن -أي نتكلّم فيهم -بما يقضي علينا إصلاحُ ديننا على أقوام لعلّهم قد حطّوا رحالَهم في الجنّة منذ أكثرَ من مائتي سنة! "

(قلت: هذا و أين جرح و تعديل السلف من جرح و تجريح 'بعض الخلف'في أيامنا هذه)

و ذكروا أنّ رجلا دخل على الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم، و هو يقرأ على الناس كتاب" الجرح و التعديل"فحدّثه بقول يحي بن معين،فبكى و ارتعدت يداه حتى سقط الكتاب من يده، و جعل يبكي و يستعيده الحكاية، ولم يقرأ في ذلك المجلس شيئاً!

أنظر (تاريخ دمشق3635).

فلعلّنا نتكلم على رجال حطّوا رحالهم منذ عشرات السنين، فرحم الله علماءنا، و أجز ل مثوبتهم، و رفع منزلتهم في قلوب الناس.

انتهى و بحمد الله النقل.

المقالة نُشرت بالعدد8 جريدة المثقف.

إن هذا المقال قام بعبئ نقله وكتابته أختنا الفاضلة " توبة " فلها منا جزيل الشكر والإمتنان.

ولكن لنا على هذا المقال ملاحظات وتوضيحات لا بد منها كقول الكاتب ـ صاحب المقال ـ إن الشيخ الطيب العقبي أصبح يوالي الطرقيين ويعادي رجال الإصلاح من جمعية العلماء المسلمين!! كيف يكون هذا وكيف يمكن لنا أن نسمي هذا الانقلاب خيانة، نفاق، .. ماذا؟؟ حاشاه حاشاه الشيخ العقبي فهو الذي أفنى شبابه وكهولته وشيخوخته في فضح الطرقية والرد عليهم، ولعلنا لا ننسى للشيخ الطيب العقبي هذا الموقف الذي يكشف عن مدى صلابته في الحق ـ وهي ميزة عرف بها ولازمته في سائر مراحل حياته ـ ويتمثل هذا الموقف في تصريح الشيخ العقبي في مجلس كان يضم رؤوس الطرقية ـ مصطفى القاسمي وأحمد بن عليوة ـ قائلا:" ولن ترضى عنك اليهود والنصارى ولا شيوخ الطرق والطرقيون حتى تتبع ملتهم" فخرج الشيخين غاضبين محتجين أنظر كتاب " الكفاح القومي والسياسي خلال مذكرات معاصرة ج1 ص 203 لصاحبه عبد الرحمن العقون. وأنا أدعو الكاتب ومن وافقه في رأيه إلى إثبات أن الشيخ الطيب العقبي كتب في صحف الطرقيين وأنه أصبح من خصوم الجمعية هذا هراء في هراء، وهذه دعوى ما أنزل الله بها من سلطان والدعوي لا يعجز عنها أحد وما أحسن قول الشاعر:

لي حيلة فيمن ينم بقوله ** وليس في الكذاب حيله

من كان يخلق ما يقول** فحيلتي فيه قليله

هو يقول في الأربعينيات وانا أقول وفي الخمسينيات كون الشيخ الطيب العقبي منظمة " شباب الموحدين" تبنت المنظمة فكرة الإصلاح من سلفية العقبي الذي سماهم الموحدين إقتداءا بدعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب السلفية في المشرق، وكان هدفها إضافة إلى تحقيق التوحيد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأصدر الموحدون جرائد تعبر عن لسانهم وتخدم أهدافهم في فترة (1950 ـ 1952 م) مثل الداعي والقبس والمنار واللواء، وكان مديرها ورئيس تحريرها " أبو بكر جابر الجزائري" الذي تتلمذ على يد الشيخ العقبي أكثر من ست سنوات في العاصمة.

ثم إن صاحب المقال له قراءة انتقائية عوراء حيث أنه اعتمد في الأساس على كتاب محمد الطاهر فضلاء ليخرج لنا بهذه الخرجة العرجاء.

يا صاحب المقال كلامك مستهلك لا محل له الآن ولا مقام وكأنك لا تزال في غياهب التاريخ تنبش قبور الأولياء والصالحين تتبعا لعوراتهم وسقطاتهم وكبواتهم، وهذه تجارة العاجزين والمغرضين، كان في وسعك أن تشهر سيف العدوان والتجريح على الشيخ العقبي لما كان وحده في الميدان مع قلة قليلة آمنت به وبخطته الإصلاحية، أما الآن وقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان لا يسعنا إلا ان نجعل الطيب العقبي في مصاف الرجال الذين يثبتون على مبدئهم حتى آخر رمق.

لا حول ولا قوة إلا بالله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير