تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[30 - 07 - 07, 11:59 م]ـ

الشيخ العقبي والقضية الفلسطينية

بدأت اهتمامات الطيب العقبي بالقضية الفلسطينية مبكرا من خلال ما كانت تنشره جريدته الأولى الإصلاح سنة 1929، ومن خلال كتاباته في جرائد الجمعية ـ بعد ذلك ـ مستنكرا وعد بلفور سنة 1917 م وقرارات سان ريمو سنة 1920م القاضي بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، منبها في مناسبات عديدة أن الوجود البريطاني في فلسطين يهدف أساسا إلى خدمة الحركة الصهيونية، التي وصفها بنفاية العالم، وكتب مقالا هاما في جريدة البصائر بعنوان" لبيك، لبيك يا فلسطين فما أنت لأهلك فقط ولكنك للعرب كلهم وللمسلمين أجمعين".

وانطلاقا من هذا المبدأ ألح العقبي على ضرورة مسارعة الجزائريين ـ كغيرهم من العرب والمسلمين ـ إلى تقديم المعونة المادية والمعنوية لفلسطين، فأسس في نادي الترقي سنة 1947 م " لجنة الدفاع عن فلسطين".

وأبرق العقبي إلى الجامعة العربية باسم الشعب الجزائري يعبر فيها عن رفضهم لمشروع تقسيم فلسطين ـ الذي تقدمت به هيئة الأمم المتحدة ـ وعن استعدادهم لحمل راية الجهاد لحماية مقدسات المسلمين قائلا:" الشعب المسلم الجزائري يؤكد لكم إخلاصه العميق وارتباطه المتين بكم قلبا وقالبا ... وارتفعت أصواتهم بالاحتجاج الصارخ ضد مشروع التقسيم ... وإنني شخصيا قد عزمت عزما أكيدا على رفع راية الجهاد على رأس هؤلاء الآلاف من المضحين تلبية لنداء الإيمان ". وقد أشار العقبي في كتاباته إلى أن مرحلة الخطب الحماسية والجمل المثيرة قد ولت وأصبحت غير مجدية وأنه حان الأوان لتخليص فلسطين من محنتها حتى تبقى عربية مسلمة، واقترح العقبي أن يؤسس على رأس كل مدينة أو قرية لجنة للدفاع عن فلسطين، تتولى جمع التبرعات وتسجيل أسماء المجاهدين والمجاهدات الذين يرغبون في التطوع للذهاب إلى فلسطين، وقد أسند العقبي هذه المهمة لمصالي الحاج زعيم حركة الانتصار، وقد استهدف العقبي ترشيح مصالي لهذه المهمة لما لحزبه من أغلبية شعبية، ولطبيعة حركة الانتصار التي تجنح إلى الأسلوب الثوري، ورأى العقبي ضرورة توسع نشاطه لأنه يرى القوة والنجاعة في العمل الجماعي، فأتفق مع الإبراهيمي رئيس جمعية العلماء ووجه دعوة لكل من أحباب البيان وحركة الانتصار للمشاركة في هذا الواجب الذي لا يقبل التأجيل، فتشكلت سنة 1948 م بنادي الترقي " الهيئة العليا لإغاثة فلسطين" من العلماء ـ العقبي، الإبراهيمي، بيوض ـ وفرحات عباس من أحباب البيان، ورفض أصحاب الطرق والزوايا المشاركة، أما الإنتصاريون فقد انسحبوا من الهيئة بعد إصرارهم على ضرورة تزعم مصالي الحاج للهيئة، وأن يتصدر اسمه كل البرقيات التي توجهها الهيئة إلى الجهات الوطنية أو الخارجية، وهو ما رفضه فرحات عباس والعلماء.

بعد ذلك باشرت الهيئة عملها و أرسلت برقية إلى الحكومة الفرنسية تندد فيها باعتراف المجلس الوطني الفرنسي بدولة إسرائيل المزعومة واعتبرت ذلك عملا عدائيا ضد العالم الإسلامي وجرحا لعواطف خمسا وعشرين مليونا من مسلمي المغرب العربي، كما أرسلت الهيئة برقية مماثلة إلى جامعة الدول العربية تبرز فيها تضامنها الدائم لمكافحة الإمبريالية الصهيونية متهمة الأمم المتحدة بالتواطؤ مع الحركة الصهيونية، والتناقض مع ميثاقها وتهديد السلام العالمي.

وتمكنت هيئة إغاثة فلسطين من جمع ثمانية ملايين فرنك كتبرعات من الشعب الجزائري الذي أجاب النداء وساند فلسطين ماديا ومعنويا رغم ظروفه إلا أنه قدر قداسة القضية الفلسطينية وأنها لا تقبل التأجيل أو الانتظار، وحسب تعبير الإبراهيمي "فإن المبالغ المالية قد أوصلوها إلى مأمنها في فلسطين واستسلموا الشهادة القاطعة من وصولها ورفعوا رأس الجزائر ومحو عنها بعض التقصير".

وقد تولى العقبي وابن حورة وعباس التركي السفر إلى شرق الأردن في ربيع 1950 م لتبليغ الأموال لمستحقيها، ومعاينة اللاجئين الفلسطينيين هناك، والتعرف على وضعيتهم الاجتماعية، وحسب بعض المصادر فإن عباس التركي هو من تكفل بإيصال معونات الهيئة إلى الفلسطينيين، وهاج بعض المتحمسين المنتسبين إلى جمعية العلماء على زيارة العقبي إلى المشرق، وبالغوا في ذلك، ووصفوا الشيخ بالعمالة لفرنسا وأنه لا يمثل الجزائريين ولا العلماء، وكان للعقبي من يدافع عنه ويرد الكيل كيلين، ونقلوا مقالات جريدة "أم القرى" التي تابعت زيارة العقبي إلى المشرق عن قرب، حيث كتبت عن زيارة العقبي لفلسطين مقالا عنوانه:" قدوم زعيم الجزائر الديني الطيب العقبي " جاء فيه:" قدم بطريق الجو مكن مصر إلى جدة فضيلة العلامة الكبير، المصلح الشهير، الكاتب القدير، الشاعر المفدى، الخطيب المصقع، الزعيم الديني في القطر الجزائري الشيخ الطيب العقبي مدير جريدة الإصلاح ورئيس لجنة الدفاع عن فلسطين والجمعية الخيرية، وأمين مال الهيئة العليا لإغاثة فلسطين بالجزائر .. " وتابعت الجريدة تفاصيل الزيارة بقولها:" .. قام بمهمته التي كلف بها من مسلمي القطر الجزائري، وهي دراسة أحوال اللاجئين العرب في فلسطين وشرقي الأردن، وتفقد مخيماتهم ومنازلهم وأخذ صورة كاملة وشهادة عن أحوالهم ... "

ولم يكتف العقبي بأداء الواجب الوطني بل زار البقاع المقدسة وأدى العمرة، ووصل رحمه وقرابته ووجد حفاوة في الإستقبال من الحجازيين الذين كثيرا ما عبر عن شوقه إليهم بعد عودته إلى الجزائر بعد ثلاثين سنة، فأولت الصحافة الحجازية اهتماما بالغا لزيارة العقبي، كما حضي باستقبال الملك عبد الله الفيصل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير