ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[31 - 07 - 07, 12:29 ص]ـ
وسقط شاغل الناس سقوط الجندي المجهول
مرض الشيخ العقبي ووفاته:
بعد عودة العقبي من الحجاز مؤديا العمرة في آخر حياته، واصل مسيرته الإصلاحية بإستكمال نهضة الجزائر، وإذا كانت الأحداث وظروفها القاسية المتتالية لم تستطع النيل من عزيمة الشيخ ولا من قوة إيمانه ولا من صلابته فيما رآه حقا، فإن الأمراض والعلل التي اجتاحت جسمه النحيف لم يكن في مقدوره مقاومتها، فاستسلم لداء السكري سنة 1958 م، ولازم الفراش ثلاث سنوات فتوقفت دروسه بنادي الترقي وتعطل نشاطه في الجمعية الخيرية، ومدرسة الشبيبة الإسلامية، ومع كونه كذلك طريح الفراش تحت وطأة الرقابة الفرنسية الشديدة ظل العقبي على عهد توجيهاته، فيذكر محمد الطاهر فضلاء ـ أحد تلامذته ـ أنه زار الشيخ في بيته مع زمرة من أصحابه سنة 1956 م فأخذ الشيخ يروي لهم عن تاريخ الثورات ثم قال:" أما أنا فقد انتهيت، ولن أغمض عيني على الإستقلال، وأما أنتم فأصيكم بتقوى الله حق تقاته، فإن التقوى خير زاد، وهي كفليه بتسديد خطاكم نحو كل نجاح، ثم تلا قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوتا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون" فرد عليه فضلاء " بأن الثورة ثمرة أعمالكم وجهادكم، لأنكم أنتم ـ العلماء ـ من بذروا بذرها وأشعلوا فتيلها، وهيئوا الشعب لإحتضانها"
وفي الواحدة بعد الزوال يوم 21 ماي 1960 م توفي العقبي عن عمر يناهز 72 سنة في داره ببولوغين بالعاصمة، وكان الشيخ قد أوصى بوصية واشتد في إلحاحه عليها وهي " أن تشيع جنازته ـ بكل أطوارها ـ تشييعا سنيا، بدون ذكر جهري ولا قراءة لمنظومة البردة، ولا قراءة القرآن حال التجهيز والدفن، ولا كلمة تأبين قبل الدفن ولا بعده، ولو كان من أقرب المقربين،" قائلا:" ماذا ينفعني عند الله مدح المادحين، على جثماني وأنا بين يدي الله؟ لا سيما حين يكون المؤبن من تالذين يقولون اليوم على جثمان الميت ما لم يكن يقوله عنه وهو حي بالأمس؟، دعوني حينذاك مع الله، فهو وحده يملك من أمري كل شيء وهو ولي في الدنيا والآخرة " وهذه الوصية وجه آخر يبرز سلفية العقبي وحرصه الشديد على السنة والابتعاد عن البدع والشركيات التي عاش يحاربها بنفسه طوال حياته.
ورغم عنفوان الثورة فقد خرجت جماهير العاصمة وضواحيها في نحو خمسة آلاف شخص ـ بقلوب باكية ـ في جنازة العقبي إلى مقبرة ميرامار، وكان الشيخ قد أوصى بدفنه بها، وهي مقبرة شعبية خالية ـ بتأثير العقبي ـ من الشركيات والبدع التي يأتيها الجهلة على القبور.
يقول الشيخ الأستاذ محمد الطاهر فضلاء:" ولولا بعض الدوريات المحلية، وبعض البرامج الإذاعية أعلنت نبأ وفاته ـ العقبي ـ وتشييع جنازته ـ لدفن كما يدفن " الجندي المجهول" لا يعلم أحد من أمره شيئا إلا أنه جندي مجهول، كان اسمه يملأ دنيا الناس بالمفاخر والمحامد.
اما كيف عاش هذا الجندي المجهول في ميدان المعركة بطلا مغوارا ملأ حياة الناس فخرا واعتزازا، وملأ قلوبهم إعجابا وإكبارا، فستقرئ تراث هذه الفترة فإنك تجد ما يذهل من المعجزات، ثم سل ربك التوفيق إلى فهم دقائق الأمور من تلك الفترة الزمنية، فإنك ستجد أمامك الحقيقة جلية واضحة في هذا البيت الشعري العربي:
إن الزعامةَ والطريقُ مَخُوفَةٌ ** غيرُ الزعامةِ والطريقُ أمانٌ
رحم الله الشيخ الطيب العقبي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته
لقاء ما علم ونصح وأصلح
ـ[الطيب العقبي]ــــــــ[31 - 07 - 07, 12:39 ص]ـ
الإمام الطيب العقبي من خلال شعر محمد العيد آل خليفة
إن أعمال الشاعر محمد العيد في ثالث أساطين الحركة الوطنية الحضارية، وهو الإمام الطيب العقبي، كانت أربعة، نظم أولها أيام شبابه في صورة مساجلة شعرية بين صديق وصديق، وقال اثنين منها عقب إطلاق سراح العقبي من السجن الذي دخله في أعقاب اتهامه باطلا، بالتحريض على مقتل المرحوم الشيخ كحول مفتي الجزائر 1936. وأما رابع أعماله فقد قاله بعد ثلاث سنوات من وقوع هذه الحادثة، أي في سنة 1939، وذلك على إثر الإعلان عن براءة العقبي براءة نهائية من تلك التهمة الآثمة.
¥