[تذكر مكانة الإمام النووي العلمية]
ـ[الدكتور صالح محمد النعيمي]ــــــــ[29 - 07 - 07, 11:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[تذكر مكانة الإمام النووي العلمية]
بقلم الدكتور صالح محمد النعيمي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ..... وبعد:
فهو الإمام الحافظ، شيخ الإسلام، أبو زكريا، يحيى بن شرف بن مري، بن حسن بن حسين، بن محمد، بن جمعة، بن حزام، النووي الدمشقي، نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حوران في سورية، تبعد عن دمشق 83 كم جنوبا.
ولد - رحمه الله – في محرم سنة: 631 هـ من أبوين صالحين، ونشأ في أسرة مسلمة زاكية.
أنَّ الإمام النووي كان إماماً في العلم والورع،والزهد ولا ريب إن من يحمل مثل هذه الصفات الحميدة يجد نفسه مؤهلاً لحيازة المكانة العالية في قلوب المسلمين من العلماء والمثقفين.
وإنّ من أعظم ما امتاز به سلفنا الصالح أن يجلَّ بعضهم بعضا وينزلوه المنزل الذي يستحقه، ولا يخذلوه، فيعتز التلميذ بشيخه، ويحرص على صحبته وملازمته والانتفاع منه، كما يعتز الشيخ بتلميذه ويحرص على تعليمه العلم ونشره.
هكذا كان حالهم، ولبيان المكانة الرفيعة بين أوساط العلماء نأخذ بعضاً من شذرات أقوالهم وثنائهم فيه لإظهار مكانته العلمية:
1. قال الشيخ قطب الدين اليونيني (رحمه الله): (كان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقليل من الدنيا، والإكباب على الإفادة والتصنيف مع شدة التواضع وخشونة الملبس والأكل، والأمر بالمعروف والنهيُّ عن المنكر).
2. نقل الإمام الذهبي (رحمه الله) عن الشيخ شمس الدين بن الفخر الحنبلي (رحمه الله)، قوله: (كان إماماً بارعاً حافظاً متقناً أتقن علوماً جمةً وصنَّفَ التصانيف الجمَّة وكان شديد الورع والزهد تاركا لجميع الرغائب …).
3. قال الذهبي (رحمه الله): (الإمام الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي صاحب التصانيف النافعة…).
4. قال الإمام الشيخ تاج الدين السبكي (رحمه الله): (…كان يحيى سيداً وحصوراً وليثاً على النفس هصوراً وزاهداً لم يبال بخراب الدنيا إذا صير دينه ربعاً معموراً له الزهد والقناعة ومتابعة السالفين من أهل السنة والجماعة والمصابرة على أنواع الخير لا يصرف ساعة في غير طاعة هذا مع التفنن في أصناف العلوم فقهاً ومتون أحاديث وأسماء رجال ولغة وتصوفا وغير ذلك…).
5. قال الشيخ عبد الرحيم الأسنوي (رحمه الله): (هو محرر المذهب، ومهديه، وملقحه ومرتبه وسار في الأفاق ذكره، وعلا في العالم محله وقدره، صاحب التصانيف المشهورة المباركة النافعة .. )
6. نقل الإمام السيوطي (رحمه الله) عن العارف المحقق أبي عبد الحليم محمد الأخميني (رحمه الله) قوله: (كان الشيخ محيي الدين سالكاً منهاج الصحابة ولا أعلم أحداً في عصرنا سالكاً منهاجهم غيره).
7. ونقل الإمام السيوطي (رحمه الله) عن ابن العطار (رحمه الله) قوله: (كتب شيخنا محمد بن الظهير الإربلي الحنفي شيخ الأدب في وقته تصحيح التنبيه للشيخ وسألني مقابلتي معه بنسختي ليكون له عنه رواية مني، فلما فرغ منه قال لي: ما وصل ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ من الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ والعبارة).
8. نقل الإمام السخاوي (رحمه الله) عن ابن كثير (رحمه الله) قوله: (الشيخ الإمام العالم العلاّمة شيخ المذهب وكبير الفقهاء في زمانه، كان من الزهادة والعبادة والتَّحري والورع والامتناع عن النَّاس والتخلِّي لطلب العلم والتحلِّي به، على جانب لا يقدر عليه غيره ولا يضيع شيئاً من أوقاته)
9. نقل عن الإمام المحدث أحمد بن فرح الإشبيلي (رحمه الله) قوله: (كان الشيخ قد صارت إليه ثلاث مراتب كل مرتبة منها لو كانت لشخص لشدت إليه آباط الإبل من أقطار الأرض المرتبة الأولى العلم والقيام بوظائفه، والثانية الزهد في الدنيا، والثالثة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
هذه بعض من أقوال العلماء والثناء عليه التي اقتطفتها من هنا ومن هناك من العلماء الأعلام، وكانوا لا يمدحون أحداً إلا بما فيه، وهي شهاداتُ حقٍِ بحقِ إِمامِنا العالم العابد الزاهد وحيد دهرهِ وزمانهِ (رحمه الله تعالى) وأسكنَهُ الدرجاتِ العُلى في علّيين آمين.
وفي سنة:676 هـ رجع الإمام النووي إلى نوى بعد أن رد الكتب المستعارة من الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار أصحابه الأحياء،وودعهم، وبعد أن زار والده زار بيت المقدس والخليل، وعاد إلى نوى فمرض بها، وتوفي في 24 رجب، سنة 676هـ.
ولما بلغ نعيه الى دمشق ارتجت هي وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون آسفا شديدا.
وهكذا انطوت صفحة من صفحات علم من أعلام المسلمين بعد جهاد في طلب العلم والحق،وترك للمسلمين كنوزا من العلوم والمعارف،لا زال العالم الإسلامي يغترف من معينها وينهل من سلسبيلها، فرحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ....... آمين ......... آمين .......... آمين يارب العالمين.
انظر: الأذكار، للنووي:ص13 - 21؛منهج وموارد الإمام النووي، د. طه الحمداني ص38 - 40.
¥