تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وروى الكشي في كتابه معرفة أخبار الرجال بعد ترجمة عبد الله بن سبأ تحت عنوان (في سبعين رجلا من الزط الذين ادعوا الربوبية في أمير المؤمنين عليه السلام)، بسنده إلى أبي جعفر أنه قال: "إن عليا عليه السلام لما فرغ من قتال أهل البصرة أتاه سبعون رجلا من الزط فسلموا عليه وكلموه بلسانهم فرد عليهم بلسانهم، وقال لهم: "إني لست كما قلتم أنا عبد الله مخلوق قال: فأبوا عليه وقالوا له: "أنت أنت هو فقال لهم: "لئن لم ترجعوا عما قلتم في وتتوبوا إلى الله تعالى لأقتلنكم قال: فأبوا أن يرجعوا أو يتوبوا، فأمر أن يحفر لهم آبار فحفرت ثم خرق بعضها إلى بعض ثم قذفهم فيها ثم طم رؤوسها ثم ألهب النار في بئر منها ليس فيها أحد فدخل الدخان عليهم فماتوا [65].

ومن المناسب ما دمنا نتكلم عن تحريق علي بن أبي طالب لأصحاب ابن سبأ والزنادقة أن نذكر حادثة أخرى ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، يقول ابن أبي الحديد: "وروى أبو العباس أحمد بن عبيد بن عمار الثقفي عن محمد بن سليمان بن حبيب المصيصي المعروف بنوين، وروى أيضا عن علي بن محمد النوفلي عن مشيخته (أن عليا عليه السلام مر بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهارا فقال: "أسفر أم مرضى"، قالوا: "لا ولا واحدة منها"، قال: "فمن أهل الكتاب أنتم فتعصمكم الذمة والجزية"، قالوا: "لا"، قال: فما بال الأكل في نهار رمضان، فقاموا إليه فقالوا: "أنت أنت" يومئون إلى ربوبيته، فنزل عليه السلام عن فرسه فألصق خده بالأرض، وقال: "ويلكم إنما أنا عبد من عبيد الله فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام" فأبوا فدعاهم مرارا فأقاموا على كفرهم، فنهض إليهم وقال: "شدوهم وثاقا وعلي بالفعلة والنار والحطب" ثم أمر بحفر بئرين فحفرتا فجعل إحداهما سربا والأخرى مكشوفة وألقى الحطب في المكشوفة وفتح بينهما فتحا وألقى النار في الحطب فدخن عليهم وجعل يهتف بهم ويناشدهم ليرجعوا إلى الإسلام، فأبوا، فأمر بالحطب والنار فألقي عليهم فأحرقوا فقال الشاعر:

لترم بي المنية حيث شاءت إذا لم ترمني في الحفرتين

إذا ما حشنا حطبا بنار ... فذاك الموت نقدا غير دين

فلم يبرح عليه السلام حتى صاروا حمما [66].

هذه الروايات التي وقفنا عليها في الأحاديث الصحيحة والحسنة والروايات التاريخية وكذلك من كتب القوم المتعلقة بالأصول والفقه والرجال والتاريخ التي تدل بكل وضوح على أن عليا رضي الله عنه قد حرق الزنادقة ومن اعتقد فيه الربوبية ومنهم أصحاب ابن سبأ الملعون، أما هو فكما تذكر الروايات - سواء روايات أهل السنة والجماعة وروايات الشيعة - أن عليا رضي الله عنه اكتفى بنفيه إلى المدائن بعد أن شفع له الرافضة.

قال النوبختي في كتابه الشيعة في ترجمة ابن سبأ: "وكان ممن أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم، وقال إن عليا عليه السلام أمره بذلك، فأخذه علي فسأله عن قوله هذا فأقر به، فأمر بقتله، فصاح الناس عليه "يا أمير المؤمنين أتقتل رجلا يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك، والبراءة من أعدائك" فصيره إلى المدائن" [67].

ابن سبأ يدعو الناس في المدائن لدعوته

إن عبد الله بن سبأ وجد بعد نفيه مكانا مناسبا لبث أفكاره وضلالاته بعد أن ابتعد من سيف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فأخذ ينظم أتباعه وينشر أفكاره بين جيش الإمام المرابط في المدائن، ولما جاءهم خبر استشهاد علي رضي الله عنه كذبه هو وأصحابه، ولنستمع للخبر كما يرويه الخطيب البغدادي بسنده إلى زحر بن قيس الجعفي الذي قال عنه علي رضي الله عنه: "من سره أن ينظر إلى الشهيد الحي فلينظر إلى هذا" - يقول زحر: "بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة، قال: "فوالله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق إذا جاءنا رجل قد أعرق دابته قال فقلنا: "من أين أقبلت؟ " قال: "من الكوفة"، فقلنا: "متى خرجت؟ " قال: "اليوم"، قلنا: "فما الخبر؟ "، قال: "خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها، ويموت مما هو أهون منها"، قال: "ثم ذهب" فقال عبد الله بن وهب السبائي ـ ورفع يده إلى السماء ـ: "الله أكبر، الله أكبر" قال: قلت له: "ما شأنك؟ " قال: "لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج عرفت أن أمير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير