تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" إن المتتبع لحياة الأمير عبد القادر بدمشق، سوف يثير انتباهه تكالب الأمير على اقتناء الدور والأراضي الفلاحية، والحصول على المال مهما كانت الوسائل المتبعة في ذلك. ففي البداية أقرت الحكومة الفرنسية منح الأمير راتباً سنوياً بما قدره 15000 فرنك فرنسي، تقول حفيدته الأميرة بديعة الحسني الجزائري:

(ظل (الأمير) سجينا مدة خمس سنوات إلى أن وصل نابليون (الثالث) إلى سدة الحكم في فرنسا فزار الأمير في سجنه متأسفاً معتذراً عن نقض الاتفاقية من قبل الحكومة السابقة وسلمه صك الإفراج وعرض عليه مبلغا كبيرا يدفع له سنوياً كتعويض على حجز حريته والغدر به, فقبل الأمير التعويض كمنحة من الله وعد بها الله تعالى المجاهدين والمهاجرين في سبيله).

وقد بلغ مع السنين ماقدره 300000 فرنك فرنسي وهو في ذلك الوقت مبلغ خيالي للغاية، بل يفوق ميزانيات كثير من المصالح الحكومية العثمانية، و لسنا من السذاجة بحيث نعتقد أن ذلك الكرم الفرنسي إنما كان حُباًّ من الامبراطورية الفرنسية لشخص الأمير عبدالقادر، و تقديراً منها لجهاده ضد الفرنسييين، دون أجندة عمل فرنسية كان الأمير ـ في المقابل ـ مطالبٌ بتنفيذها بكلِّ دقَّة،و لعلَّ تلك الأجندة قد أسفرت عنها المواقف الأميرية المتضامنة مع المصلحة الفرنسية "العليا" خلال ما سيمر بنا من الأحداث المتتالية!!!.

ـ "و عندما قرر الأمير أن يقوم ببعض الإصلاحات على الدارين اللتين سلمتهما له الإدارة العثمانية في الشام ـ بعد أن قامت بتأثيثهما ـ ألحَّ الأمير لدى وزير خارجية فرنسا والسفير الفرنسي باستانبول للقيام بتدخلات لدى الحكومة العثمانية في تمليكه للدارين، لأنهما محتاجان إلى الإصلاح والزيادة ولايمكن اصلاحهما قبل استملاكهما،

ـ كما ألح على السفير نفسه للتوسط لدى الدولة العثمانية للحصول على مبلغ مالي من الحكومة العثمانية لذلك، وقد قدمت له الدولة العثمانية مبلغاً قدره ألف بورسه، أي 100000 فرنك. وكان ذلك المبلغ يساوي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي قرر أن يشتري به مسكنا)) المرجع السابق ص425.

ـ و قد كان الأمير خلال إقامته في الشام يعيش عيشة الملوك، فقد كان محاطاً بنحو 180 شخصاً من عائلته، وكان يعمل لديه ألفا شخص كحراس شخصيين أو مزارعين أو موظفين، وشيئاً فشيئاً وصل إلى دمشق زهاء 15 ألف مغربي وجزائري وتونسي التحقوا بخدمته، وكان يتولى الاشراف على أحوالهم.

ـ ثم لا ننسى ذلك الوعد الذي بذله نابليون الثالث للأمير عبدالقادر بتنصيبه إمبراطوراً للبلدان العربية في الشرق بعد أن يتم تحريرها من الاحتلال العثماني، و بالمقابل أخذ وعداً من الأمير عبدالقادر ألاَّ يقاتل مجدَّداً ضد فرنسا.

لقد كان المخطط الفرنسي لوراثة التركة العثمانية يقضي بالسعي للقضاء على الخلافة العثمانية من خلال تأجيج ثورة عربية يترأسها بعض المنتسبين للبيت النبوي،و يقوم بجر جميع تلك البلدان الى حظيرة الهيمنة الفرنسية.

ـ و لكن خطة فرنسا فشلت في الحقيقة لكون المنطقة بكاملها سرِقت منها فيما بعد، نظرا لاكتساح السياسة البريطانية للمنطقة و تفوق اللاعب البريطاني، فقد كان السقوط الفرنسي قد ابتدأ مسبقاً مع الفشل "العسكري" للحملة الفرنسية على مصر، لتتتابع بعد ذلك سلسلة الإخفاقات الفرنسية، و من ثمَّ تَمَّت سرقة المخطط برًمَّته ـ انجليزيا ـ من الحقيبة الفرنسية.

ليتم بعد ذلك تطبيقه بحذافيره على يد الجنرال البريطاني الشهير "اللنبي" لتنصيب دمية أخرى هي "الشريف فيصل بن الحسين".

و ليحتل الجيشان البريطاني والعربي الأراضي السورية، بتاريخ11 تشرين الأول 1918 تنفيذاً لاتفاق غير معلن، وفي نهاية الشهر ذاته يدخل الأمير فيصل دمشق تلبية لأمر والده الشريف حسين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير