" إن الأمير عبد القادر الجزائري سمع كثيراً عن الجمعية الماسونية ومالها من صحيح المبادئ، فتاقت نفسه إلى الإنضمام إليها واغتنم فرصة مروره بالإسكندرية أثناء عودته من الحجاز سنة 1864 فانتظم في سلكها في 18 حزيران بمحفل الأهرام التابع للشرق السامي الفرنساوي، و وافت مشاربه من كل الوجوه، فأحبها وأحب أهلها، ومال إليها وإليهم كثيراً، وكان لا يخفي نفسه، وطالماً جاهر بأنه من أعضائها"
ثالثاً = في عهد راشد باشا
و في عهد راشد باشا الماسوني أيضا الذي عُيِّن والياً سنة 1865م دخلت الأفكار الماسونية حيز التنفيذ، فتعاون مع الأمير عبدالقادر بعد رجوعه من مصر بهذا الخصوص فأسَّسا محفل سوريا أو الجمعية الماسونية، و كانت هذه الجمعية تتستر تحت اسم: (لجنة الإصلاح).
يقول جرجي زيدان الماسوني في كتابه "تاريخ الماسونية العام " ص 200:
" إن االماسونية دخلت دمشق بمساعي الأمير عبد القادر الجزائري، وإن أول محفل تأسس فيها هو محفل "سوريا" بشرق دمشق، ... فثبت بمساعي الأخوة وتنشيطهم))
و كان الإعلام قد صنع هالةً على اسم الأمير عبدالقادر فانخدع أكثر الناس بالماسونية، بل وأقبلت الطبقة الراقية في سوريا للا نخراط في "السلك" الماسوني
يقول شاهين مكاريوس في المقتطف-الجزء الثامن- ص469 عن نفسه أنه:
" زار في دمشق جمعية ماسونية باسم محفل سورية، فدخل فرأى فيها أكثر وجوه دمشق ومعتبريها من كل الطوائف تقريباً، وعند زيارته لدمشق في شهر أيلول عام 1881 قيل له أن الجمعية الماسونية أعظمها نجاحاوأوفرها أعضاءاً وأكثرها اجتماعاً وأن أعضاءها موصوفون بنبذ التعصب وأن جماعة من أهل دمشق وأكابر قومها منظمون فيها ......
و ممن ذكرهم مكاريوس من فضلاء دمشق ومن مشائخ الصوفية آنذاك أصحاب الفضيلة والسيادة محمود أفندي الحمزاوي مفتي المدينة والشيخ سليم أفندي العطار ومحمد أفندي المنيني والشيخ مسلم أفندي الكزبري، ومحمد أفندي الطنطاوي ومحمد أندي الخاني، وغيرهم من السادات والأعلام الأشراف، كما ذكر مكاريوس أنه تشرف بمقابلة الأمير عبد القادر الجزائري هنالك.
ـ و قد كان الأمير عبد القادر ـ خلال وجوده في الشام ـ دائما ما يفزع الى القنصلية الفرنسية عند تعذُّر بعض مهامه، بل و كذلك في شئونه الخاصة كما مرَّ بنا، فقد كانت هناك علاقة وطيدة بينه وبين الدولة الفرنسية الاستعمارية.
ـ فقد تمت وساطة فرنسية لدى الباب العالي للسماح للأمير عبدالقادر بالإقامة في الشام.
ـ فأثناء إقامته في منفاه في سوريا كان الأمير عبد القادر كثيراً ما يتدخل لانقاذ المسيحيين ((العملاء لفرنسا والجواسيس لها ضد المسلمين".
مرحلة العمالة السافرة:
لقد تدرج التحول بالأمير حتى وصل إلى مرحلة العمالة السافرة، فكان عاملا من عوامل تمزيق الدولة الإسلامية:
و أدى به طمعه بالحكم إلى أمور لم تكن تليق بتاريخه النضالي السابق، فمن ذلك: أنه بعد إجبار الدولة العثمانية على توقيع معاهدة مع روسيا بسبب هزيمتها كانت المعاهدة تتضمن إنشاء كيانات قومية في كل الولايات العثمانية، ونتيجة لذلك سافر أحمد الصلح من بيروت عام 1877 إلى صيدا والجبل ودمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وحوران وجبل الدروز يرافقه محمد الأمين وأحمد عباس الأزهري، ومن خلال هذه الجولة عقدت عدة اجتماعات سرية بعضها في مصيف الأمير عبد القادر في دمر قرب دمشق، وبعضها في دار مفتي مدينة دمشق ونقيب أشرافها حسن تقي الدين الحصيني، ويذكر المؤرخ محمد جابر آل صفا أسماء ممثلي الجبل في الإجتماعات السرية وهم:
محمد الأمين (شيعي) وعلي عسيران والشيخ علي الحر الجبعي (شيعي) وشبيب باشا الأسعد الوائلي (شيعي (تاريخ جبل عامل ص208
ويقول ((وكان هذا المؤتمر أول مؤتمر يشترك فيه الشيعيون للنظر في استقلال البلاد الشامية وفصلها عن جسم الدولة العثمانية، وقرر المؤتمرون اختيار عبد القادر الجزائري أميراً على سوريا) عن عادل الصلح ـ المرجع السابق ص96
¥