وبدون هذا النجاح، ترى الدراسة أن الإسلام كدين ما كان لينجح في الصمود والانتشار داخل الجزيرة العربية بعد وفاة الرسول. وتأخذ الدراسة حالة ردة بعض القبائل عن الدين الإسلامي بعد وفاة الرسول كنموذج لعبقرية جنرالات الجيش الذي أنشأه الرسول، إذ استطاعوا أن يهزموا المرتدين ويحافظوا على الدين الإسلامي بعد غياب الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وترى الدراسة أن الرسول نجح في دمج التشكيلات العربية المقاتلة التي انقسمت إلى فئتين: فئة جنود المشاة المكونة من رجال فقراء من سكان القرى الصغيرة والواحات والتجمعات خارج المدن الرئيسية، وفئة الفرسان المكونة من رجال القبائل ممن لهم مهارات قتالية عالية متوارثة.
وترى الدراسة أن المقاتلين العرب قبل الإسلام كانوا فقط يهتمون بمصالحهم المباشرة والمحدودة، فقد كان الهدف من القتال الحصول على غنائم مادية، لذا غاب عن العرب مفهوم الجيوش النظامية. وكانت الحروب في الجزيرة العربية صغيرة محدودة متكررة. ولم يكن هناك ضابط أو رابط لتوقيت المعارك أو موعد تجمع المقاتلين، فقد كان ينضم المقاتل وقد يغادر أرض المعركة قبل أن تنتهي إذا حظي بغنائم ترضيه.
ومن أجل إصلاح هذه المعضلات، ترى الدراسة أن الرسول نجح في بناء منظومة عسكرية للقيادة والسيطرة للمرة الأولى في التاريخ العربي.
وحدة العرب حول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
تقول الدراسة ان الرسول نجح في خلق منظومة عسكرية متطورة هو شخصيا محورها الأساسي، إضافة إلى خلق هوية جديدة لا تفرق بين المواطن والمقاتل في إطار مفهوم "الأمة" الذي كان مفهوما ثوريا جديدا على القبائل العربية.
وترى الدراسة أن الرسول نجح في جعل الدين أهم مصدر للوحدة بين القوات العربية، وفاقت أهمية الدين أهمية عامل الدم والروابط القبلية المعروفة أهميتها عند العرب. وفاقت أهمية الإيمان بالدين الجديد أهمية الروابط الأسرية للمرة الأولى في تاريخ العرب، مشيرة إلى أنه من المعروف تاريخيا أن رابطة الدم هي أهم ما كان يوحد بين قبائل العرب. وتذكر الدراسة ان الرسول محمد نجح في إقناع أتباعه أنهم ينفذون أوامر الله في الأرض وإنهم جند الله، وكانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي يعتقد ويؤمن فيها جيش نظامي أنه ينفذ أوامر الله في الأرض، ومن هنا تطور مفهوم "الحروب المقدسة".
وترى الدراسة أن التاريخ لا يوفر مادة علمية تكشف كيف درب الرسول جيوش المسلمين على القتال، إلا أن الدراسة تؤكد أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكبار قادته العسكريين قد قاموا بذلك.
الخلاصة
تنهي الدراسة عرضها للأساليب العسكرية للرسول بالإشارة إلى مفهوم الجهاد. وترى الدراسة أن الجهاد في الإسلام جوهره الكفاح والتغلب على المصاعب، إلا أن المفهوم يساء تصنيفه في الغرب في زمننا المعاصر، ويتمحور حول مفهوم "الحرب المقدسة" فقط.
وتذكر الدراسة أن الجهاد طبقا للتعاليم الإسلامية هو كفاح الإسلام ضد الكفار والملحدين، وأن الأمة الإسلامية بقيادة الخليفة الإسلامي عليها واجب تطبيق قواعد الإسلام حتى يصبح العالم بأكمله محكوما بالقانون الإسلامي.
لذا فالتوسع الجهادي هو واجب على كل المسلمين، فالأرض التي احتلها المسلمون تعرف بـ" دار الإسلام" والأراضي الأخرى تعرف بـ"دار الحرب". وترى الدراسة أن هناك مفهوم "الجهاد الدفاعي" ويتمثل في حالة الهجوم على أي من أراضي المسلمين، وحينذاك ينبغي على المسلمين مقاومة المهاجمين، وينبغي على بقية المسلمين مساعدة من وقع عليه الهجوم من المسلمين.
نقلته لأجل معرفة الآخر وكيف يقرءون تاريخنا ويدرسونه في حين أن كثيراً من المسلمين لايعرفون شيئا عن رسولهم محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.