واستفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم فأنزل الله عز وجل إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين [الأنفال 19]
[كراهة سعد بن معاذ لأسر المشركين]
ولما وضع المسلمون أيديهم في العدو يقتلون ويأسرون وسعد بن معاذ واقف على باب الخيمة التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي العريش متوشحا بالسيف في ناس من الأنصار، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك تكره ما يصنع الناس؟ قال أجل والله كانت أول وقعة أوقعها الله بالمشركين وكان الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال
[إجهاز ابن مسعود على أبي جهل]
ولما بردت الحرب وولى القوم منهزمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟ " فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد وأخذ بلحيته فقال أنت أبو جهل؟ فقال لمن الدائرة اليوم؟ فقال لله ولرسوله وهل أخزاك الله يا عدو الله؟ فقال وهل فوق رجل قتله قومه؟ فقتله عبد الله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قتلته فقال الله الذي لا إله إلا هو فرددها ثلاثا، ثم قال الله أكبر الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده انطلق أرنيه " فانطلقنا فأريته إياه فقال سس هذا فرعون هذه الأمة
[قتل أمية بن خلف وابنه]
وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه عليا، فأبصره بلال وكان أمية يعذبه بمكة فقال رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا، ثم استوخى جماعة من الأنصار، واشتد عبد الرحمن بهما يحرزهما منهم فأدركوهم فشغلهم عن أمية بابنه ففرغوا منه ثم لحقوهما، فقال له عبد الرحمن ابرك فبرك فألقى نفسه عليه فضربوه بالسيوف من تحته حتى قتلوه وأصاب بعض السيوف رجل عبد الرحمن بن عوف، قال له أمية قبل ذلك من الرجل المعلم في صدره بريشة نعامة؟ فقال ذلك حمزة بن عبد المطلب فقال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل وكان مع عبد الرحمن أدراع قد استلبها، فلما رآه أمية قال له أنا خير لك من هذه الأدراع فألقاها وأخذه فلما قتله الأنصار، كان يقول يرحم الله بلالا، فجعني بأدراعي وبأسيري
[انقطاع سيف عكاشة]
وانقطع يومئذ سيف عكاشة بن محصن، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذلا من حطب فقال دونك هذا فلما أخذه عكاشة وهزه عاد في يده سيفا طويلا شديدا أبيض فلم يزل عنده يقاتل به حتى قتل في الردة أيام أبي بكر.
[قتل الزبير عبيدة بحربته وما كان من أمر هذه الحربة]
ولقي الزبير عبيدة بن سعيد بن العاص، وهو مدجج في السلاح لا يرى منه إلا الحدق فحمل عليه الزبير بحربته فطعنه في عينه فمات فوضع رجله على الحربة ثم تمطى، فكان الجهد أن نزعها، وقد انثنى طرفاها، قال عروة فسأله إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياها، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها، ثم طلبها أبو بكر فأعطاه إياها، فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها، فلما قبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان فأعطاه إياها، فلما قبض عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير، وكانت عنده حتى قتل.
[فقء عين رفاعة بن رافع]
وقال رفاعة بن رافع: رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني، فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي، فما آذاني منها شيء
[وقوفه صلى الله عليه وسلم على القتلى]
ولما انقضت الحرب أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وقف على القتلى فقال بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم، كذبتموني، وصدقني الناس وخذلتموني ونصرني الناس وأخرجتموني وآواني الناس ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر، فطرحوا فيه ثم وقف عليهم فقال يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة، ويا فلان ويا فلان هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا، فإني وجدت ما وعدني ربي حقا، فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟ فقال والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون الجواب ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرصة ثلاثا، وكان إذا ظهر على قوم أقام بعرصتهم ثلاثا
[رجوعه صلى الله عليه وسلم من بدر]
ثم ارتحل مؤيدا منصورا، قرير العين بنصر الله له ومعه الأسارى والمغانم فلما كان بالصفراء، قسم الغنائم وضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة، ثم لما نزل بعرق الظبية، ضرب عنق عقبة بن أبي معيط.
ودخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مؤيدا مظفرا منصورا قد خافه كل عدو له المدينة وحولها، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة، وحينئذ دخل عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه في الإسلام ظاهرا.
[جملة من حضر بدرا]
وجملة من حضر بدرا من المسلمين ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، من المهاجرين ستة وثمانون ومن الأوس أحد وستون ومن الخزرج مائة وسبعون وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج، وإن كانوا أشد منهم وأقوى شوكة وأصبر عند اللقاء لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة، وجاء النفير بغتة وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يتبعنا إلا من كان ظهره حاضرا فاستأذنه رجال ظهورهم في علو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم فأبى ولم يكن عزمهم على اللقاء ولا أعدوا له عدته ولا تأهبوا له أهبته ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد.
[شهداء المسلمين]
واستشهد من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلا: ستة من المهاجرين وستة من الخزرج، واثنان من الأوس، وفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأن بدر والأسارى في شوال.
الرابط: http://sirah.al-islam.com/display.asp?f=zad3039.htm
¥