تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - أن المعركة بيننا وبينهم سجال إلى أن يكون الفتح الأخير لروما وينزل المسيح u ، وهذا ما لا يعلم زمان وقوعه إلا الله، وعليه فلا يعلم عدد قرون الروم إلا الله تعالى وربما كانت العشرة المذكورة في الرؤيا لا مفهوم لها بل مجرد رمز وهذا مذهبٌ لهم في الأعداد المذكورة في الكتاب المقدس كله ([5])، هذا إن لم نقل إن في الرؤيا تحريفاً وإضافة!!

وعلى أي حال نحن نعلم أن هذه الرؤيا والخلاف فيها قد لا يثير ثائرة القوم إلا إذا تعرفنا على القرن الصغير الملحد من هو؟

فقد ذهب طائفة منهم إلى أنه دولة الإسلام؟

وأن التجديف والإلحاد هو إنكار المسلمين لألوهية المسيح!!

وهذا عجيب إذ كيف تكون المملكة الخامسة العظمى الأبدية قرناً صغيراً من قرون حيوان من الحيوانات الأربعة الذي له غير هذا القرن عشرة قرون كبرى!!

وكيف تكون الأمة الإسلامية التي شملت العرب والفرس والترك والبربر والزنج والهنود والتتار وغيرهم مجرد قرن من الروم؟ وقرن صغير أيضاً!!

إن النزول بالبحث العلمي إلى هذا الحد يوجب الإعراض والضرب صفحاً عن هذا اللغو لاسيما وأنه لا علاقة للمسيح وألوهيته بالرؤيا من قريب ولا من بعيد بل السفر كله توحيد.

وذهبت طائفة منهم إلى أن القرن الصغير هو الوحش المذكور في سفر الرؤيا!!

وهنا ينبغي أن نعتذر للقارئ المسلم عن الاسترسال في ذكر الغرائب الحيوانية، ولا يظن أننا سنورد فيلم الرعب الطويل المسمى سفر الرؤيا!

ونرجو منه أن يتأمل معنا هذا الوحش في لقطة لا تتعدى الثواني من هذا الفيلم، وليعلم أن القوم في الغرب أضاعوا ويضيعون في هذا ما يعد بالملايين من ساعات العمل، بل ربما من أيام العمل، وأن الكتب المتعلقة بها أكثر الكتب مبيعاً في أمريكا!!

فماذا علينا لو تحملنا دقائق وصفحات لنردهم إلى الصواب، ونريحهم من العناء ونحمد الله على اليقين.

يقول سفر الرؤيا:

((ثم وقفت على رمل البحر، فرأيت وحشاً طالعاً من البحر له سبعة رؤوس وعشرة قرون، وعلى قرونه عشرة تيجان، وعلى رؤوسه اسم تجديف (أي إلحاد وزندقة) والوحش الذي رأيته كان شبه نمر، وقوائمه كقوائم دب، وفمه كفم أسد، وأعطاه التنين قدرته وعرشه وسلطاناً عظيماً، ورأيت واحداً من رؤوسه كأنه مذبوح للموت وجرحه المميت قد شفي، وتعجبت كل الأرض وراء الوحش)).

[13: 1 – 3]

لقد حاول "ت. ب.بيتز" -وهو أجود شارح لسفر الرؤيا- أن يصيب كبد الحقيقة، ويدل قومه على القرن الصغير الملحد، الذي يخرج من بين قرون الروم، ولكنه لم يستطع لأسباب:

الأول: مشترك بين كل الباحثين وهو اختلاط الحق بالباطل في الأسفار واستحالة تمييز المحرَّف من الباقي على أصله بله المضاف والمحذوف.

الثاني: مشترك بينه وبين أكثر باحثي أهل ملته كما أسلفنا، وهو جعل النبوات كلها ‍‍في زمن المسيح القادم، وتجاهله المطبق للإسلام رسالة وحضارة ومملكة!!

الثالث: يخصه،وهو أنه هلك قبل قيام رجسة الخراب "إسرائيل " فكان من الصعب عليه أن يفسر الأحداث بدقة.

لكن لما يتميز به شرحه سوف نجعله نموذجاً لتصحيح المنهج.

يقرر بيتز أن الوحش هو نظير القرن الصغير في نبوة دانيال (مع التنبيه إلى أن في سفر الرؤيا وحشين اثنين!!).

وهو في الوقت نفسه الشكل الجديد الذي ستتخذه الأمبراطورية الرومانية، الذي سيفاجئ العالم قبل نزول المسيح لإقامة ملكوته -الذي هو المملكة الأخيرة الأبدية في نظره.

وهو لما رأى أن الفجوة كبيرة،وقرونها الزمنية كثيرة، لا يسدها عشرة ملوك ولو حكم كل ملك قرناً، جاء بتأويل جديد هو أن القرن ليس ملكاً! بل هو شكل من أشكال الحكم كالشكل الجمهوري أو الإمبراطوري مثلاً، ولكل شكل ملوكه الكثيرون، لكنه لم يفصل لنا كل الأشكال بل جعل السادس هو الإمبراطوري، وافترض أن الشكل السابع عتيد.

أن يقوم أما الثامن والنهائي فهو حكومة الوحش الذي هو القرن الصغير. (ص186).

ولأول مرة -بل من النادر- أن تجد في كلام القوم على كثرته وإسهابه مثل هذا الكلام الرصين الذي يشبه في أوله كلام فقهاء الإسلام، يقول:

نلاحظ وجه شبه بين هذا الوحش وبين قرن دانيال الصغير فقد حارب القرن الصغير القديسين فغلبهم. (دا/ 7: 21).

كما أعطي للوحش أن يصنع حرباً مع القديسين ويغلبهم. (رؤ/ 13: 7).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير