تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد انقضاء الشتاء عاود القائد الماهر حصاره مرة أخرى في (8 من المحرم 1079هـ = 18 من يونيو 1668م)، وطالت مدة الحصار حتى تجاوزت العامين كانت خلالها لا تنقطع الإمدادات العسكرية عن المدينة المحاصرة، لكن ذلك لم ينجح في دفع العثمانيين وإجبارهم على رفع الحصار، ودارت مفاوضات على تسليم المدينة، وفي أثناء ذلك جمعت الأساطيل الفرنسية والبابوية والمالطية جنودها والجرحى وغادرت المدينة، وعقد الطرفان معاهدة في (8 من ربيع الآخر 1080هـ = 5 من سبتمبر 1669م) على تتنازل البندقية عن "كاندية" بما فيها من مدافع وأسلحة للدولة العثمانية، وأصبحت بذلك جزيرة كريت تابعة للدولة العثمانية باستثناء ثلاث قلاع تُركت للبندقية لاستعمالها في الأغراض التجارية.

وقضى كوبريلي بعد إتمام الفتح وقته في إصلاح القلاع والأسوار والأبنية وتجديد المنشآت التي تأثرت بقذائف المدفعية، ثم غادر الجزيرة في (14 من ذي الحجة 1080هـ = 5 من مايو 1670م) بعد أن ظل بها ثلاث سنوات ونصف السنة.

حرب بولونيا

وفي أثناء تولي كوبريلي الصدارة العظمى دخلت بلاد القوقاز جنوبي روسيا في حماية الدولة العثمانية، فلما حاولت بولونيا الاعتداء على بلاد القوقاز استنجدت هذه البلاد بدولة الخلافة العثمانية التي سارعت إلى نجدتها، وخرج على رأس الجيش السلطان محمد الرابع وفتح عددًا من هذه البلاد، واضطر ملك بولونيا إلى طلب الصلح فأجابه السلطان، ووُقِّعت اتفاقية بينهما في (25 من جمادى الأولى 1083هـ = 18 من سبتمبر 1672م) عُرفت باسم معاهدة "بوزاكسي" غير أن هذه المعاهدة رفضها أمراء بولونيا فاشتعلت الحرب من جديدة دون نصر حاسم، واضطر البولنيون إلى العودة إلى المعاهدة السابقة، وكانت هذه الحرب هي آخر أعمال الصدر الأعظم أحمد كوبريلي.

ملامح شخصية كوبريلي

يعد أحمد باشا كوبريلي واحدًا من أكبر الشخصيات التي تولّت منصب الصدارة العظمى في التاريخ العثماني، ودامت له خمسة عشر عاما متصلة، نجح في أثنائها في إعادة المجد القديم للدولة بفضل ذكائه وكفاءته على الرغم من صغر سنه حين تولى المنصب الكبير.

كان كوبريلي عالما في الفقه والكلام والتاريخ وهذا ما يميزه عن والده، وإن ورث منه عزمه ودهاءه، وكان واضح التفكير وسريع البديهة ينفر من المرائين والثرثارين، يُؤثر العمل على الكلام، ويدع الأعمال تتكلم عن نفسها، وكان غنيا، وقد خصص معظم ثروته للأعمال الخيرية.

وفي أخريات أيامه كان يحب مجالسة أصدقائه في أدرنة، يتبادلون الحديث عن الأدب والشعر والتاريخ، وتكونت لديه مكتبة ضخمة ضمَّت روائع الكتب وأندرها وأنفسها، وعيّن لها أربعة حفاظ أمناء.

ولم تطل الحياة بأحمد باشا كوبريلي فتُوفي عن عمر يناهز واحدًا وأربعين سنة حفلت بجلائل الأعمال، وقضى معظمها مجاهدًا على الثغور، وكانت وفاته في (24 من رمضان 1087هـ = 30 من أكتوبر 1676م)، وتولى بعده زوج أخته "قرة مصطفى" هذا المنصب الجليل.

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[14 - 03 - 08, 11:22 م]ـ

للرفع.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير