تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مذاهب الشيعة في حكم الإمامة." (لابن خلدون) ".]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[09 - 11 - 07, 02:44 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الفصل السابع و العشرون في مذاهب الشيعة في حكم الإمامة

مقالة مهمة لابن خلدون رحمه الله

اعلم أن الشيعة لغة هم الصحب و الأتباع و يطلق في عرف الفقهاء و المتكلمين من الخلف و السلف على إتباع علي و بنيه رضي الله عنهم. و مذهبهم جميعا متفقين عليه أن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة و يتعين القائم بها بتعيينهم بل هي ركن الدين و قاعدة الإسلام و لا يجوز لنبي إغفاله و لا تفويضه إلى الأمة بل يجب عليه تعيين الإمام لهم و يكون معصوما من الكبائر و الصغائر. و أن عليا رضي الله عنه هو الذي عينه صلوات الله و سلامه عليه بنصوص ينقلونها و يؤولونها على مقتضى مذهبهم لا يعرفها جهابذة السنة و لا نقلة الشريعة بل أكثرها موضوع أو مطعون في طريقه أو بعيد عن تأويلاتهم الفاسدة.

ثم منهم من يرى أن هذه النصوص تدل على تعيين علي و تشخيصه. و كذلك تنتقل منه إلى من بعده و هؤلاء هم الإمامية و يتبرؤون من الشيخين حيث لم يقدموا عليا و يبايعوه بمقتضى هذه النصوص و يغمصون في إمامتهما. و لا يلتفت إلى نقل القدح فيهما من غلاتهم فهو مردود عندنا و عندهم. و منهم من يقول أن هذه الأدلة إنما اقتضت تعيين علي بالوصف لا بالشخص و الناس مقصرون حيث لم يصغوا الوصف موضعه. و هؤلاء هم الزيدية و لا يتبرؤون من الشيخين و لا يغمصون في إمامتهما مع قولهم بأن عليا أفضل منهما لكنهم يجوزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل.

ثم اختلفت نقول هؤلاء الشيعة في مساق الخلافة بعد علي. فمنهم من ساقها في ولد فاطمة بالنص عليهم واحدا بعد واحد على ما يذكر بعد و هؤلاء يسمون الإمامية نسبة إلى مقالتهم باشتراط معرفة الإمام و تعيينه في الإيمان و هي أصل عندهم. و منهم من ساقها في ولد فاطمة لكن بالاختيار من الشيوخ. و يشترط أن يكون الإمام منهم عالما زاهدا جوادا شجاعا و يخرج داعيا إلى إمامته و هؤلاء هم الزيدية نسبة إلى صاحب المذهب و هو زيد بن علي بن الحسين السبط. و قد كان يناظر أخاه محمدا الباقر على اشتراط الخروج في الإمام فيلزمه الباقر أن لا يكون أبوهما زين العابدين إماما لأنه لم يخرج و لا تعرض للخروج. و كان مع ذلك ينعى عليه مذاهب المعتزلة و أخذه إياها عن واصل بن عطاء. و لما ناظر الإمامية زيدا في إمامة الشيخين و رأوه يقول بإمامتهما و لا يتبرأ منهما رفضوه و لم يجعلوه من الأئمة و بذلك سموا رافضة. و منهم من ساقها بعد علي و ابنيه السبطين على اختلافهم في ذلك إلى أخيهما محمد بن الحنفية ثم إلى ولده و هم الكيسانية نسبة إلى كيسان مولاه. و بين هذه الطوائف اختلافات كثيرة تركناها اختصارا.

و منهم طوائف يسمون الغلاة تجاوزوا حد العقل و الإيمان في القول بألوهية هؤلاء الأئمة إما على أنهم بشر اتصفوا بصفات الألوهية أو أن الإله حل في ذاته البشرية و هو قول بالحلول يوافق مذهب النصارى في عيسى صلوات الله عليه. و لقد حرق علي رضي الله عنه بالنار من ذهب فيه إلى ذلك منهم. و سخط محمد بن الحنفية المختار بن أبي عبيد لما بلغه مثل ذلك عنه فصرح بلعنه و البراءة منه. و كذلك فعل جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه بمن بلغه مثل هذا عنه. و منهم من يقول إن كمال الإمام لا يكون لغيره فإذا مات انتقلت روحه إلى إمام آخر ليكون فيه ذلك الكمال و هو قول بالتناسخ.

و من هؤلاء الغلاة من يقف عند واحد من الأئمة لا يتجاوزه إلى غيره بحسب من يعين لذلك عندهم و هؤلاء هم الواقفية. فبعضهم يقول هو حي لم يمت إلا أنه غائب عن أعين الناس و يستشهدون لذلك بقصة الخضر. قيل مثل ذلك في علي رضي الله عنه و أنه في السحاب و الرعد صوته و البرق في صوته. و قالوا مثله في محمد بن الحنيفة و أنه في جبل رضوى من أرض الحجاز و قال شاعرهم.

ألا أن الأئمة من قريش ولاة الحق أربعة سواء

علي و الثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء

فسبط سبط إيمان و بر و سبط غيبته كربلاء

و سبط لا يذوق الموت حتى يقود الجيش يقدمه اللواء

تغيب لا يرى فيهم زمانا برضوى عنده عسل و ماء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير