تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإعلان الإمامة الباطنية حينما تسنح الفرص بموافقة أعداء الإسلام في الشرق والغرب.

البكتاشية ومحمد علي باشا

تُعتبر البكتاشية من أخطر الحركات الباطنية السرية الإيرانية التي لعبت دوراً أساسياً في تدمير السلطنة العثمانية السُّنِّيَّة، وذلك من خلال نشر العصيان والفساد الأخلاقي بين قوات الجيش الإنكشاري، وبلغ الخطر البكتاشي أقصى مداه حينما حرّكت البكتاشية أدواتها الإنكشارية في إسطنبول والبلقان في نفس الوقت الذي تحركت فيه الجيوش الإيرانية الباطنية على الجبهة الشرقية، وجيوش محمد علي باشا على الجبهة الجنوبية، فهل كان محمد علي باشا باطنياًّ بكتاشياًّ معادياً لأهل السُّنَّة والجماعة؟

أصول محمد علي الغامضة

لاشكّ أن الغموض يحيط بشخصية محمد علي باشا (4)، وشأنه في ذلك شأن بقية الباطنيين، وقد هاجرت أسرته المجهولة النسب من قونيا في الأناضول إلى كَوَلَه (5)، وأنيطت وظيفة المتسلم بعمِّه طوسون الذي أعدمته السلطنة العثمانية جرّاء جرائمه، فتأثر محمد علي، وعمل مراسلاً ثم دلالاً "سمساراً" في شركة "ليون" التجارية، وتعاطى تهريب الدخان وغيره من الممنوعات، وعندما بلغ الثامنة عشرة التحق بقوات "الباشبوزوق" ومارس الإرهاب بقسوة ضد الفلاحين لتحصيل الضرائب، فجمع ثروة من المال الحرام، ثم حضر إلى مصر كنائب لقائدة وحدة من "الباشبوزوق" (6) للمساهمة في تحرير مصر من الفرنسيين، ولكن عودة قائد مجموعة الباشبوزوق أتاحت لمحمد علي رئاستها، فبدأ بزرع الفتن بين المصريين مُعتمدا على المترجمين غير المسلمين لجهله اللغة العربية، وبنى مجده على أنقاض ما هدمه من أمجاد المصريين، وصعد بقوة تفوق قدرة الفرد، وتدلَّ على أن وراء ذلك الصعود تنظيماً باطنياًّ يقدّم الدعم المادي والمعنوي لمحمد على باشا الذي مثَّل الوجه الظاهر لذلك التنظيم الباطني، فما هو التنظيم الذي عزّز قوة محمد علي الطارئ على مصر ذات التقاليد الحضارية العريقة؟

إن تتبُع الخيوط الدقيقة للبكتاشية والباطنية في مصر يقدِّم لنا معلومات تثير الشكَّ، وتفتح الأبواب أمام الباحثين عن الحقيقة رغم السِّرية الباطنية، والغموض الذي يحيط بالأسرة "العلوية" التي حكمت مصر بالحديد والنار والمؤامرات الدموية، وألحقت الأذي بالفلاحين والعسكريين المصريين والعلماء على حدٍّ سواء، ورعَتْ مصالح الْمُرابين غير المسلمين، واتخذت من مصر قاعدة لإلحاق الأذى بالمسلمين السُّنَّة في شبه الجزيرة العربية، وبلاد الشام والأناضول، وبذلك قدَّمت الأسرة "العلوية" خدماتٍ فظيعةً للباطنيين الصفويين الإيرانيين، وقوى الاحتلال الأوروبي من خلال إضعافها للسلطنة العثمانية مركز الخلافة الإسلامية السُّنِّيَّة في إسلامبول.

أصول البكتاشية

الطريقة البكتاشية شيعية إيرانية قلبًا وقالبًا، ومع ذلك ازدهرت في تركية وتسللت إلى الجيش الجديد (الانكشاري) "ينيجيري"، ونقلت إلى المسلمين السُّنَّة الكثير من البدع وتسترت بالتصوُّف، وتنسب البكتاشية إلى "خنكار الحاج محمد بكتاش الخراساني النيسابوري" المولود في نيسابور سنة 646 هـ/ 1248م، ويدَّعي "خنكار" أنه من أولاد إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي بن زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه، وقد سلك "حاجي بكتاش" طريقة التصوف على يد باطني تركستانى يُدعى لقمان خليفة أحمد يسوى مبتدع الطريقة "اليسوية" الباطنية، وكان قدوم بكتاش إلى تركيا في زمان السلطان العثماني أورخان المتوفى سنة 761هـ/ 1316م (7)، وقد خدع "خنكار" بذلك النسب الشريف الْمُركّب الكثير من المسلمين. واستمرت سلسلة البكتاشية فى أسرة تدعى أسرة "جلبى" حتى ترأس البكتاشية المدعو "بالم سلطان" فنقل رئاسة البكتاشية إلى رؤساء التكايا البكتاشية.

البكتاشية المصرية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير