تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أسس "خنكار بكتاش النيسايوري" أول تكية بكتاشية في الأناضول، ونشر دُعاته وجواسيسه في العالم الإسلامي، وكثر مريدوه، وذاع صيته، ووصل إلى السلطان أورخان العثماني المتوفي سنة 761هـ/ 1316م، فكلَّف "حاجي بكتاش" بتعليم أبناء الأسرى من أهل الذمة، فنشر بينهم الطريقة البكتاشية الباطنية، واستطاعت البكتاشية تسخير الإنكشارية للانتقام من السلاطين الذين عارضوا الباطنية، فمرَّت الطريقة البكتاشية بمراحل الصعود والهبوط جرّاء مؤآمراتها، فقد تخاذل الإنكشاريون البكتاشيون أثناء الحروب، فتآمروا مع الباطني تيمور لنك، وتخلوا عن السلطان أبايزيد الأول (1389 ـ 1403) في معركة أنقرة سنة 804 هـ/ 1402م (15). وتمرّد الإنكشارية على السلطان سليم الثاني في بداية حُكمه (1566 ـ 1574م)، وأضعفوا الدولة أثناء التمرد الزيدي في اليمن (16)، وقتل الإنكشاريون البكتاشيون الصدر الأعظم ديلاور ( Dilaver) باشا ديار بكر، والصدر الأعظم حسين باشا سنة 1032 هـ/ 1622م، وقتلوا السلطان كنج عثمان الثاني (1618 ـ 1622م) حينما فكَّر بإلغاء الإنكشارية "البكتاشية" وفيالق القابو قولو الموالية لهم (17)، وقتلوا السلطان إبراهيم الأول (1640 ـ 1648م) بعدما فتح جزيرة كريت (18)، وفرضوا وصايتهم على السلطان مراد الرابع (1623 ـ 1640) في بداية سلطنته، وأعلنوا العصيان بقيادة رجب باشا سنة 1042 هـ/ 1632م، وقتلوا الصدر الأعظم حافظ أحمد باشا، وعَيَّنوا رئيس الأشقياء طوبال رجب باشا صدراً أعظم، ولكن السلطان مراد أعدمه سنة 1032 هـ/ 1632م، وقاد السلطان حملة عسكرية ضدّ الصفويين وحرّر عِراقَ العرب من ظُلْمِ العجم (19) بعدما كسر شوكة عملائهم الإنكشارية البكتاشية الذين استعادوا قوتهم، وفرضوا سيطرتهم على السلطان محمد الرابع (1648 ـ 1687م)، وكانوا قد خلعوا السلطان مصطفى الأول سنة 1623م (20) ثم خلعوا مصطفى الثاني (1695 ـ 1703م) في أدرنة (21)، وخلعوا السلطان أحمد الثالث (1703 ـ 1730م) بعدما انتصر على إيران، وعُرف تمرُّد الإنكشارية بعصيان "باترونا" (22)، وعزلوا السلطان سليم الثالث سنة 1222 هـ/ 1807م، ثم قتلوه سنة 1908م ولم يأبهوا بالغزو الفرنسي لمصر وبلاد الشام، ولا بالتحركات الإيرانية والروسية، وخلعوا السلطان مصطفى الرابع سنة 1223 هـ/ 1808م (23)، وتمادوا في إلحاق الضرر بالسلطنة العثمانية، وتقديم الخدمات لأعداء الإسلام، وسقطت الأقنعة، وكُشف أمر التعاون الخطير بين البكتاشية الباطنية والإنكشارية (24) ضدَّ الخلافة الإسلامية العثمانية، فأمر السلطان محمود الثاني (1808 ـ 1839م) بإغلاق الزوايا البكتاشية (25) في تركيا بعدما قضى على الإنكشارية في 9 شوال سنة 1241 هـ/ 18 أيار / مايس سنة 1826م (26).

انتقال المركز البكتاشي من تركيا إلى ألبانيا

حينما هُزمت البكتاشية في إسطنبول وما حوْلًها، وانتقلت من العَلَن إلى السرِّ بدأ ازدهارُها ألبانيا بعدما هاجر إليها صالح نيازي، وصار فيها "دده بابا " ثم قُتل سنة 1942م، وحلَّ محلَّه ابنُه "عباس دده بابا" الذي انتحر سنة 1949م، وبعد مصرعه انتقل مركزُ البكتاشية الرئيسي إلى القاهرة في مصر، وحظيت البكتاشية الباطنية برعاية آل محمد علي باشا، وتغلغلت بين البسطاء فاستغلتهم، وتولى توجيهَها رؤوسُ الباطنية السريين الذين حاولوا إضعافَ جُمهورِ المسلمين السُّنَّة في مصر عن طريق تضليلهم، وتفريق كلمتهم، وموالاة أعدائهم من البدعيين وغير المسلمين.

وأما في إسطنبول مركز الخلافة العثمانية الإسلامية، فبعدما ألغى السلطان محمود الثاني الإنكشارية والبكتاشية لاذت فلولهما بالعمل الباطني السِّرِّي، وتظاهرت بالعِلمانية، ثُمَّ انخرطت تلك الفلول مع يهود الدونمة وأتباعهم، وشكَّلوا جمعيَّةَ "الاتحاد والترقي" التي تعاوَن زعيمُها طلعت باشا مع الصهيونية انطلاقاً من سالونيكا اليونانية (27)، واستطاعت القيام بانقلابها ضدَّ الخليفة عبد الحميد الثاني سنة 1909م، ثم قامت بانقلاب 23 كانون الثاني / يناير سنة 1913 بقيادة الثلاثي الاتحادي: أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا (28)، وبعد الحرب العالمية الأولى استطاع أعداء الإسلام القضاء على السلطنة العثمانية سنة 1923م، وإلغاء الخلافة الإسلامية السُّنِّيَّة في 3 آذار/ مارس سنة 1924م (29) بالتعاون بين القُوى غير الإسلامية

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير