تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واعلم يا ولدي: أننا كُنَّا بمصر نحو العشرة آلاف، أو أقلّ، أو أكثر، ما بين مُقدّمي ألوف، وأمراء، وكشاف، وأكابر أوجاقات، ومماليك، وأجناد وطوائف، وخدم واتباع، مرفَّهي المعاش بأنواع الملاذّ، كلّ أمير مختصّ ومعتكف بإقطاعه، مع كثرة مصارفنا في الأوقات المعهودة، ولا نعرف عسكرًا ولا علوفة عسكر، والقُرى والبلاد مطمئنة، والفلاحون ومشايخ البلاد مرتاحون في أوطانهم، ومضايفهم مفتوحة للواردين والضيفان مع ما كان يلزم علينا من المصارف الميرية، ومرتبات الفقراء، وخزينة السلطان، وصُرَّة الحرمين الشريفين، والْحُجَّاج، وعوائد العربان، وكلف الوزراء المتولين، والأغوات، والقابجية المعينين، وخدمهم، والهدايا السلطانية، وغير ذلك، وأفندينا ما كفاه إيرادُ الإقليم، وما أحدثه من الجمارك والمكوس، وما قرَّره على القرى والبلدان من فرض المال، والغِلال والْجِمال والخيول، والتعدي على الملتزمين، ومقاسمتهم في فائضِهم ومعاشهم، وذلك خلاف مُصادرات الناس، والتجار في مصر وقراها، والدعاوي والشكاوي، والتزايد في الجمارك، وما أحدثه في الضربخانة من ضرب القروش النحاس، واستغراقها أموال الناس، بحيث صار إيرادُ كلِّ قلَمٍ من أقلام المكوس بإيراد إقليمٍ من الأقاليم، ويبخل علينا بما نتعيش به، ونحن وعيالنا ومَن بقي معنا من أتباعنا ومماليكنا، بل وقَصْدُهُ صيدنا وهلاكنا عن آخرنا" (36). هذه الصفاة تنطبق على عُتاة البكتاشية والباطنية حينما يمتلكون القوة التي تٌمكنهم من البطش بالمسلمين السُّنة بشكلٍ خاص باعتبارهم من ألدّ أعدائهم، والشواهد على ذلك كثيرة قديماً وحديثاً.

4 ـ أذكى محمد علي نيران الفتن بين المماليلك وغيرهم، وارتكب المذابح الجماعية بحق المسلمين المماليك وغيرهم دون رادعٍ من ضميرٍ أو دين، وأشهر مذابحهِ مذبحةُ القلعة سنة 1226 هـ/ 1811م (37) تلك المذبحة التي لايقوم بها إلا مَن خرج من دين الإسلام والإنسانية في نفس الوقت.

5 ـ هنالك شكوك حول التعاون في نشر الفجور والبدع بين البكتاشية المصرية ومحفل "إيزيسي" الماسوني الذي أسسه في القاهرة ماسونيو الحملة الفرنسية سنة 1213 هـ/ 1798م، ثم تحوَّل من السِّرية إلى العلنية بعد مصرع الجنرال كليبر على يد المجاهد الأزهري سليمان الحلبي سنة 1215 هـ/ 1800م، ومن أبرز المشايخ الحداثيين الذين انضمُّوا إلى الماسونية الشيخ حسن العطار 1251 هـ/ 1835م صديق محمد علي باشا الذي سمح بإنشاء المحفل الماسوني الإيطالي سنة 1246 هـ/ 1830 على الطريقة الإسكوتلندية (38)، وجراء تأثر محمد على بالبكتاشية والماسونية، فقد سلّم القضايا المالية للمعلم غالي القبطي وأعوانه (39)، وتعاطف مع اليهود في دمشق (40) والنُّصيرية في جبل اللُّكام، والنصارى في لبنان من خلال تعاونه مع الْمُُرتدّ عن الإسلام الأمير بشير الشهابي (41).

6 ـ استغل محمد علي باشا فرصة سيطرة السعوديين على الحجاز، فتظاهر بطاعة السلطان محمود الثاني، وأرسل حملة بقيادة طوسون فحوصرت حملته في الطائف، فهزمه الأمير عبد الله بن سعود، فقاد محمد علي باشا حملة لنجدته سنة 1228 هـ/ 1813م، فحرره، وأرسل حملة أخرى بقيادة إبراهيم باشا فتعامل السعوديين بوحشية حاقدة بعد خروجهم من الحجاز، بل تجاوز الأوامر السلطانية العثمانية المقتصرة على إخراحهم من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهاجم بلاد نجد ظلماً وعدواناً، واحتل الدرعية في شهر ذي الحجة سنة 1233 هـ/ نيسان/ إبريل سنة 1818م (42) إمعاناً بضرب المسلمين السُّنة المصريين والمسلمين السُّنة السعوديين بعضهم ببعض، وانتقاماً من السعوديين الذين ألحقو الهزائم بحلفاء البكتاشية الباطنيين في النجف وكربلاء، فآلت إليه ولاية جدة في ذي القعدة سنة 1235هـ/ 1820م (43).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير