تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب


أن يكون مع النبي معجزة إلهية تؤيده هي من صنع الله ولا يد للنبي أو الرسول فيها، وكان لكل نبي معجزة تناسب قومه وزمانه , وكانت معجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، معجزة تناسب التفوق اللغوي والبياني للعرب من ناحية ودستورا يكفي العالمين حتى قيام الساعة من ناحية أخرى، أما معجزاته الأخرى صلى الله عليه وسلم والمعبر عنها بالمعجزات المادية فأن لها معلما آخر سنبينه في حينه بإذن الله (20). وتقوم حكمة المعجزة على دحض الحجج التي يمكن أن يتذرع بها المرسل إليهم، وحتى تكون للرسول الحجة والدليل فى بعثته من قبل ربه، وليثبت أن دعوته ليست من صنع يديه. وفي ذلك يقول بن تيمية " المعجزة من أتم الطرق عند أهل الكلام والنظر حيث يقررون نبوة الأنبياء بالمعجزات ولا ريب أن المعجزات دليل صحيح لتقرير نبوة الأنبياء لكمال الإيمان " (21)،
وقال الجوينى "لا دليل على صدق النبي غير المعجزة فإن قيل هل فى المقدور نصب دليل على صدق النبي غير المعجزة؟ قلنا ذلك غير ممكن فإن ما يقدر دليلا على الصدق لا يخلو إما أن يكون معتادا، وإما أن يكون خارقا للعادة فإن كان معتادا يستوي فيه البر والفاجر فيستحيل كونه دليلا وإن كان خارقا للعادة يجوز تقدير وجوده ابتداء من فعل الله فإذا لم يكن بد من تعلقه بالدعوى فهو المعجزة بعينها " (22)، والمعجزة تتفاوت بتفاوت الدور النوط به النبي أو الرسول والقوم المرسل إليهم , فقد كان المناسب لقوم ثمود مثلا الناقة بوصفهم قوم بدو وصحاري وكانوا يتخذون من الجبال بيوتا قال تعالى (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (23)، وأعطى الله عيسى عليه السلام بعض الآيات على الرغم من أنه لم يأتي بشرع جديد وإنما كان تشريعه مكملا للتوراة وذلك لطبيعة القوم الذين أرسل إليهم الذين طغت عليهم المادية وأصبحوا لا يؤمنون إلا بكل ماهو مادي فقال (وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ24وقد بين القرآن الكريم بعض المعجزات لبعض الأنبياء , وأنبياء آخرين لم يبين لنا الله تعالى معجزاتهم صراحة، إلا أن ذلك لا يمنع عدم تأييدهم بمعجزة أو كرامة على أقل تقدير تعينهم على أداء رسالتهم , وضرورة المعجزة أمر ثابت في سائر الكتب السماوية السابقة ففي التوراة:" جعل الله تجليته هو المعجزة ودليل النبوة. لما تجلى لموسى فى سيناء ليرسله إلى بنى إسرائيل وإلى فرعون وملأه، وثبت له وللناس رسالته بمعجزة العصا ومعجزة اليد البرصاء (25)
ثم ارسله والمعجزة بيده " خذ بيدك العصا تصنع بها المعجزات، وصنع موسى المعجزات على عيون الشعب فأمن الشعب" (26)، وفى الإنجيل جعل الله تعالى المسيح عليه السلام هو المعجزات ودلائل النبوة " إن كنت لا أعمل أعمال أبي (المكتوب عندهم أبي وهو تحريف) فلا تصدقونى. ولكن إن كنت أعمالها ولا تريدون أن تصدقوني فصدقوا هذه الأعمال " (27)، ثم يستشهد بالكتاب لنفسه ويستشهد بسابقة يحيى المعمدان ولكنه يستشهد خصوصا بأعماله المعجزة:"وإن لى شهادة أعظم من شهادة يوحنا إن الأعمال التى أتانى الله (الآب) أن اعملها هذه الأعمال عينها التى أنا أعملها هى تشهد لى بأن الله (الآب) قد أرسلنى " (28). والله تعالى في القرآن يسمى المعجزة سنة الأولين التى لا تبديل لها ولا تحويل فقال سبحانه (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيل) (29) ويسمى المعجزة أيضا " السلطان المبين " فيقول تعالى
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير