تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد العزيز عيد]ــــــــ[18 - 01 - 08, 10:00 م]ـ

5 - المعيار العقلي.

وهو سلامة العقل وصحته فلا يجدر بالنبى أن يعيبه عيب فى عقله كالجنون أو الخبل , أو ضعف فى الإرادة كفقدان الأهلية أو نقصها، وسلامة العقل كانت هى سمة الأنبياء والرسل جميعا , فتأمل حجة إبراهيم وسرعة بديهته وتوقد ذهنه وهو يبهت النمرود عندما قال له إبراهيم (فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِب) (1) فيصف الله سبحانه وتعالى أثر الحجة الدامغة على الطاغية فيقول سبحانه (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَر) (2)

وانظر اليه عليه السلام يجادل قومه بالحجة والعقل فيقول الله تعالى بعد أن أراه ملكوت السماء فأصبح من الموقنين (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ) (3) ثم يقول سبحانه عنه (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (4) فأقنعهم بالنظر والتأمل أن هذه الآلهة لا تصلح للعبودية، ثم يقدم لهم الدليل على جهلهم وقصر نظرهم بعبادة الأصنام فيحطم أصنامهم ويدع كبيرا لهم، وعندما يكتشف قومه فعلته يقول لهم (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ) (5)، وهكذا كان كل الأنبياء وهكذا كان يقدم كل نبي حجته العقلية لقومه حتى إذا فشل معهم علوا وغرورا منهم، قدم المعجزة أو الآية التي يطلبوها.

وكانت تصرفات نبينا عليه الصلاة والسلام تتصف بالسلامة العقلية، وكان وصف الكفار له عليه الصلاة والسلام بالجنون ضربا من العناد والمكابرة والصلف والغرور، وأعانته هذه السلامة العقلية على دعوته فكان يدعو قومه بالحجة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتى هى أحسن. ومن أجمل ما قرأت في هذا الصدد قول وهب بن منبه قال " قرأت احدى وسبعين كتابا فوجدت أن الله عز وجل لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى إنقضائها من العقل في جنب عقل محمد صلى الله عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال جميع الدنيا وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا وأفضلهم رأيا" (6)

(1)، (2) البقرة من الآية 258 (3) البقرة من الآية 258

(4) الأنعام 80 (5) الأنعام 83 (6) الشفاء للقاضي عياض وحلية الأولياء للأصبهاني ج

6 - المعيار الشكلي:

وأقصد به صلاحية النبي من ناحية الخلقة والاستواء الخلقي , فلا يليق بالنبي أن يكون قصيرا مثلا قصرا ملفتا أو طويلا طولا بينا أو أعرج أو أعمى أو احدب أو أبتر، ولا يليق به أن يكون أصم أو أبكم أو أعور , أو ما إلى ذلك من عيوب خلقيه تحول بينه وبين أداء رسالته .. خاصة وأن علماء الفراسة استدلوا بالنواحي الشكلية على بواطن الإنسان وصفاته الخلقية فجعلوا من كل عيب دلالة على نقص فى الخلق والتركيبة النفسية، فاستدلوا مثلا من الجبهة الصغيرة على الجهل ومن الجبهة العظيمة على الكسل ومن الحاجب الكثير الشعر على غث الكلام ومن جحوظ العين على سطحية الرجل ومن غورها على الخبث ومن غلظ الشفة على الحمق ومن ضعف الصلب بضعف النفس (1) وقد سلم الأنبياء جميعا من هذه المعايب ولم يتصف إي نبي بعيب من شابهة هذه العيوب،

ويلزم كذلك خلوه من الأمراض التي لا يرجى البرء منها أو التي تضعفه وتوهنه .. وما مرض أيوب عليه السلام إلا ابتلاء منه جلا وعلا كابتلاء يونس عليه السلام وغيره من الأنبياء بصور مختلفة وعلى ما هو مشهور في قصصهم،كما ينبغي خلو النبي من الأمراض النفسية كالاكتئاب أو القلق.

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان أحسن الناس خلقة كما كان أحسنهم خلقا، وكان مبرأ من كل عيب، ولم ينسب إليه ثمة نقيصة،ففي الشمائل للترمزي عن علي بن أبي طالب قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير