تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي الحرب العالمية الأولى عندما صمد لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلاف جندي فلسطيني في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهما على التقهقر حتى العريش عام 1917م، أصدر أحمد جمال باشا القائد التركي الذي اشتهر بخصومته للعرب، بياناً رسمياً أشاد فيه بالشجاعة الفذة التي أبداها أولئك الجنود الفلسطينيون في غزة أمام أضعاف أضعافهم من جنود الأعداء، وأنها بسالة خارقة تذكر بالشجاعة التي أبداها آباؤهم من قبل عندما حموا هذه البقاع المقدسة بقيادة صلاح الدين الأيوبي ... وكذلك اعترف كثيرون من أقطاب العرب وزعمائهم بشجاعة الفلسطينيين. ومبلغ ما بذلوه من جهود ودماء، ذوداً عن حياتهم أثناء المعارك الأخيرة التي وقعت عامي 1947 و1948م. وإني لآسف إذا اضطر للاستشهاد بمثل هذه الأقوال والتصريحات بالثناء على أهل فلسطين في مجال الدفاع عنهم ببيان الحقائق التي حاولت الدعايات الأجنبية ودوائر المخابرات البريطانية واليهودية أن تطمسها بما سخرت لذلك من الصحف المأجورة والألسنة الخراصة لتشويه سمعة الفلسطينيين وإظهارهم على غير حقيقتهم.

براعة الفلسطينيين في حرب العصابات:

ولاشك أن كل منصف يعترف بأن مجاهدي فلسطين لم يغلبوا على أمرهم ولم يقهروا في ميدان الكفاح حينما كانوا يحاربون اليهود والإنجليز معاً حرب العصابات التي خذقوها، والتي هي أجدى وأنجع في مكافحة الجيوش النظامية، وأعظم أثراً، وأقل نفقة. وبحرب العصابات القائمة على أسس التضحية والاستماتة والبسالة استطاع الفلسطينيون أن يفضوا مضاجع أعدائهم أمداً طويلاً، وأن ينزلوا بهم الخسائر الفادحة، واستطاعت حركة الجهاد الفلسطيني في أعوام 36،37،38، 1939م أن تسيطر على معظم الأراضي الفلسطينية بل عليها كلها إذا استثنينا قليلاً من المدن التي انحصر الجنود الإنجليز داخلها وقتاً غير قليل في انتظار النجدات. الإنجليز يسلحون اليهود ويدربونهم

:

وفي الحوادث الأخيرة ظن الإنجليز الذين جردوا أهل فلسطين خلال الحرب العالمية الثانية من أسلحتهم، وشردوا قادتهم وسجنوا الألوف من مجاهديهم وأرهقوهم ظلماً وعدواناً كما يفعلون اليوم في المكافحين من رجال ماو ماو في الوقت الذي كانوا يسلحون فيه اليهود ويدربونهم وينظمونهم ويساعدونهم بواسطة هيئة عسكرية إنجليزية كان يرأسها القائد (وينجت) المعروف – ظن الإنجليز أن كفة اليهود الحربية أصبحت راجحة، وأن في استطاعتهم أن يتسلموا فلسطين حسب وعد بريطانيا القديم لهم، فأعلنت بريطانيا أنها ستنسحب من فلسطين. ولكن أهل فلسطين رغم ضعف وسائلهم عامي 1947 - 1948م قاموا بكفاح شديد أرغموا به يهود القدس، وعددهم نحو (115) ألفاً، على رفع رايات التسليم، بعد أن أرهقوهم وحاصروهم وقطعوا عنهم الماء والزاد والعتاد. وقد توسطت الهيئة الدبلوماسية في القدس حينئذ وجاءت بعثة من بعض أعضائها إلى دمشق في مارس سنة 1948م لمفاوضة الجامعة العربية والهيئة العربية العليا في هذا الأمر.

تفوق العرب في المعارك على اليهود:

وفي غضون ذلك كانت المعارك الكبيرة ناشبة بين العرب واليهود ففي مكان يعرف بالدهيشة، بين القدس والخليل، نشبت معركة كبيرة في 17 مارس سنة 1948 قتل فيها بضع مئات من اليهود ووقع منهم (350) أسيراً، وغنم المجاهدون أسلحتهم وذخائرهم ونحو مائة وخمسين سيارة كان قسم كبير منها من المصفحات والمدرعات. ووقعت معارك صور يف وبيت سوريك وسلة ويافا ومعارك أخرى في المنطقة الشمالية قهرت فيها العصابات الفلسطينية اليهود وهزمتهم. ولما شرع اليهود في استعمال المتفجرات وعمدوا إلى النسف، قابلهم المجاهدون بما هو أدهى وأمر، فنسفوا عمارة الستين بوست والوكالة اليهودية وشارع بن يهودا برمته ومحلة المنتفيوري وغيرها مما قصم ظهر اليهود، وجعلهم يطالبون بالعدول عن حرب المتفجرات. وقد أبدى المجاهدون الفلسطينيون من البسالة والتصميم والتضحية ما ضمن لهم التفوق ورجوح الكفة على اليهود، حتى أن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بواسطة مندوبها في الأمم المتحدة في 23 مارس 1948م عدولها عن تأييد قرار تقسيم فلسطين، (وقد وقعت جميع هذه الحوادث قبل أن تدخل الجيوش العربية فلسطين).

12 ألف شهيد فلسطيني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير