تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد بلغ عدد الذين استشهدوا م أهل فلسطين في ميادين الجهاد نحو 12 ألف شهيد، وبلغ عدد من أصيب منهم بجراحات وعاهات دائمة ضعف هذا العدد، وهذا بالإضافة إلى ألوف من السكان المدنيين ولاسيما من الشيوخ والنساء والأطفال الذين قتلهم اليهود والمستعمرون، كما أن خسائرهم المادية إلى ما قبل نشوب الحرب العالمية الثانية تقدر بعشرات الملايين من الجنيهات، فإن السلطات البريطانية نسفت أقساماً برمتها من مدن يافا واللد وجنين وعشرات من القرى العربية وأتلفت من روعات أهلها ومواشيهم وممتلكاتهم.

المؤامرة الإنجليزية لإبعاد الفلسطينيين عن ميدان القتال:

ولما رأي الإنجليز واليهود هذا الجد والتصميم والاستماتة من عرب فلسطين، وأن حرب العصابات تزداد توسعاً واندلاعاً، وأن أمدها سيطول، وستكون لها نتائج خطيرة في إثارة الشرق العربي والعالم الإسلامي، لجأوا إلى الحيلة لوقف حرب العصابات وإبعاد المجاهدين الفلسطينيين عن ميدان المعركة، لأنهم بطبيعة الحال أشد العناصر العربية تصميماً على القتال، واستماتة في الذود عن وطنهم وأنفسهم وممتلكاتهم، فعمد الإنجليز إلى تعديل خطة الدول العربية التي كانت قررت في اجتماع "عالية – لبنان" في السابع من أكتوبر عام 1948م أن يكون المعول في حرب فلسطين على أبنائها، وأن تمدهم الدول العربية بالأسلحة والأموال وما إلى ذلك من وسائل المساعدة، وأن لا تدخل الجيوش العربية النظامية فلسطين. ولكني عندما شعرت في ذلك الحين برغبة بعض الشخصيات العربية الرسمية في إدخال الجيوش العربية فلسطين، وباندفاعها في هذه السبيل، أوجست في نفسي خيفة وأبديت ارتيابي وخشيتي من أن تكون وراء ذلك دسيسة أجنبية وعارضت في هذا معارضة شديدة، ولم تكن جميع الدول العربية موافقة على إدخال جيوشها إلى فلسطين ولكن تيار الضغط الأجنبي على بعض الشخصيات المسئولة في الدول العربية في ذلك الحين كان بدرجة من الشدة اجتاح معها كل معارضة، ودخلت الجيوش العربية وكانت مصر من أشد الدول معارضة لدخول جيشها في الحرب. ثم دخلت بتأثير دوافع متعددة كما ظهر في المحاكمات الأخيرة أمام محكمة الثورة، فقد قيل في صدد دخول الجيش المصري حرب فلسطين: "إن المرحوم النقراشي أسر إلى أحد كبار المصريين وقتئذ – أيهدى" من روعه ومعارضته – أن الإنجليز متحمسون لدخولنا الحرب، وأنهم وعدوه بمد الجيش المصري بالأسلحة والذخيرة التي يحتاج إليها ... "

الجيوش العربية تحت قيادة جنرال إنجليزي:

فلما دخلت الجيوش العربية فلسطين سلمت قيادتها العملية إلى الجنرال جلوب الإنجليزي، وصدر أمر الملك عبد الله بإلغاء منظمة الجهاد المقدس الفلسطينية وجميع القوى والعصابات التابعة لها، وإلغاء جيش الإنقاذ المؤلف من المتطوعين وطلب إلغاء الهيئة العربية العليا لفلسطين، ووضعت خطة محكمة لإبعاد الفلسطينيين عن ميدان الجهاد والسياسة، وعن كل ما يتعلق ببلادهم ومستقبلهم وحياتهم.

دعايات مضللة وتهم باطلة تذاع عن فلسطين:

3 - ولتبرير إبعاد الفلسطينيين عن ميدان المعركة قامت دوائر المخابرات البريطانية واليهودية، وغيرها من الدوائر الموالية لها، بدعايات واسعة مضللة وإشاعات مبطلة عن الفلسطينيين تكيل لهم فيها جزافاً أفظع التهم كتجسسهم على الجيوش العربية وبيعهم جنودها وضباطها لليهود، ونحو ذلك من الأكاذيب التي لا ظل لها من الحقيقة، ولا يعقل أبداً أن يرتكبها الفلسطينيون الذين هم أعظم الناس مصيبة باليهود والاستعمار، وأشدهم حتقاً عليهما. واستغل الخصوم بعض حوادث التجسس التي كان يقوم بها أفراد من اليهود فشأوا في البلاد العربية وحذقوا لغتها وعاداتها، وقد بثتهم دوائر الاستخبارات اليهودية في كل الجهات وهم يرتدون الثياب العربية حتى ظن أنهم من عرب فلسطين. وأذكر مثلاً لذلك حادثتين معروفتين في منطقة غزة الأولى أن القوات المصرية المسلحة قبضت على أثنين من اليهود يرتديان ثياب البدو بينما كانا يقومان بإلقاء ميكروبات الكوليرا وغيرها من الجراثيم الوبائية في آبار تلك المنطقة بقصد إبادة سكانها والقوات المصرية الموجودة فيها، والثانية قصة طريفة قصها على كل من الأمير الاي السيد مصطفى الصواف نائب الحاكم الإداري العام لقطاع غزة سابقاً، والسيد عبد الرحمن الفرّا رئيس بلدية خان يونس، وخلاصتها أن دورية مصرية قبضت على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير