تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفلسطينيين أنفسهم، فجعلوا يرددون تلك الدعاية ويعتقدون صحتها، وكان عدم معرفة هؤلاء – بتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية وعدم اطلاعهم على تلك العروض والحلول البريطانية، من العوامل التي جعلتهم يصدقون تلك الأضاليل بحسن نية.

المؤامرة الإنجليزية اليهودية قديمة:

وقبل أن أتحدث عن موضوع (العروض والحلول)، أود أن أنبه مرة أخرى إلى أن ما تم في فلسطين منذ احتلال الإنجليز لها في عامي 1917/ 1918، حتى يومنا هذا كان نتيجة لخطة إنجليزية صهيونية اتفق عليها المستعمرون والصهيونيون، خلال الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) وقبلها، وعمد الفريقان، ومن ورائهما فيما بعد الأمريكيون، إلى تنفيذها خطة خطوة، وحلقة حلقة، فكل ما كان يدعيه الإنجليز من تقديم عروض وحلول، وما قاموا به من إرسال لجان التحقيق التي أتخمت بها فلسطين، إنما هو خداع ونفاق، وتخدير للأعصاب، وصرف للأنظار عن حقيقة المؤامرة الاستعمارية اليهودية المبيتة ضد فلسطين، التي كانوا مصممين على تنفيذها عن طريق سياسة الوطن القومي اليهودي والانتداب البريطاني الذي فرض على عرب فلسطين فرضاً، ذلك الانتداب الذي نصت المادة الثانية من صكه على أن مهمة الحكومة المنتدبة (أي بريطانيا) في فلسطين هي وضع البلاد في حالات سياسية وإدارية واقتصادية من شأنها أن تسهل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين، ثم صار هذا الصك وثيقة دولية على بريطانيا واجبة التنفيذ، بعد ما أقرته عصبة الأمم السابقة، والولايات المتحدة الأمريكية.

الانتداب وصك الانتداب من وضع اليهود:

قررت عصبة الأمم في 24 يوليو 1922 وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأقرت له صكاً، يفرض على الحكومة البريطانية تنفيذ سياسة إنشاء الوطن القومي اليهودي، وقد أشرنا إليه سابقاً. وفي شهر مايو 1930، اجتمع الوفد الفلسطيني في لندن (وكنت مشتركاً فيه) بالمستر رامزي ما كدونالد رئيس الوزارة البريطانية حينئذ فناقشته في موضوع الانتداب وصكه وتحيزه لليهود ولا سيما المادة الثانية منه، فأجاب ما كدونالد بأن عصبة الأمم هي التي وضعت صك الانتداب. وفي شهر يونيو 1930 سافرت إلى جنيف وقابلت في مقر عصبة الأمم سكرتيرها العام (السير أريك دراموند)، وهو بريطاني، فبحثت معه الموضوع بحضور المرحوم الأمير شكيب أرسلان والسيد احسان الجابري، وذكرت له ما تقوله الحكومة البريطانية من أن صك الانتداب الجائر وضعته عصبة الأمم! فقال: إن العصبة لم تضع مشروع صك الانتداب، بل أن الحكومة البريطانية هي التي وضعته بالتفاهم مع اليهود! وقد تبين أخيراً أن الحكومة البريطانية وضعت صك الانتداب بالاتفاق مع الجمعية الصهيونية وزعماء اليهود. ويقول الدكتور وايزمان في مذكراته: إن اليهودي الأمريكي بنجامين كوهين كان يتولى مع سكرتير اللورد كيرزون (وزير الخارجية البريطانية حينئذ) وضع صك الانتداب والاتفاق على نصوصه!

الثورة الفلسطينية الأولى:

ولما تسلم الإنجليز حكم فلسطين فور احتلالهم لها، كانت باكورة أعمالهم فيها فتح أبوابها للهجرة اليهودية، والسماح لليهود بتملك الأراضي، ومساعدتهم على ذلك، وأدركوا أن العرب غير راضين بالانتداب وتصريح بلفور، وأنهم مصممون على مقاومتهما مهما كلفهم الأمر. وكانت الثورة الأولى الفلسطينية التي وقعت في 4 أبريل 1920 أكبر نذير للإنجليز بمقاومة عرب فلسطين. ولذلك جعل الإنجليز أكبر همهم حمل الفلسطينيين على الاعتراف بالانتداب وتصريح بلفور، وإكراههم على العدول عن المطالبة بإنشاء حكومة وطنية مستقلة. وقد لجأت الحكومة البريطانية – لأجل تخدير العرب، وانتزاع موافقتهم على الانتداب ولتصريح بلفور – إلى عدة أساليب استعمارية خادعة نبينها فيما يلي:

العروض والحلول أسطورة وخداع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير