تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيستجيبوا لبعض مطالب العرب، أو على أمل أن يرضى ذلك الصهيونيين فيخففوا من غلوائهم ويقنعوا بغنيمتهم الباردة وبما اقتطعوه من فلسطين، بموجب معاهدة رودس، بل بما انتزعوه بعد هذه المعاهدة من السلطات الأردنية التي منحتهم وسلت إليهم من أراضي فلسطين نحو خمس وعشرين قرية عربية برمتها تبلغ مساحتها أكثر من نصف مليون دونم (525.000) من أراضي المثلث العربي (نابلس، جنين، طولكرم) وكلها مغروسة بأشجار الزيتون والبرتقال، وبمليون دونم فوق ذلك في المنطقة الجنوبية من فلسطين فيما بين الخليل والبحر الميت، عدا التنازل الذي تم لهم عن خط سكة الحديد بين حيفا والقدس، وعن طريق السيارات المجاور له أيضاً. ولكن هذه الإيجابية السمحة، والكرم الحاتمي، والتساهل الذي بلغ أقصى حد، لم يفد شيئاً في إشباع نهم اليهود وجشعهم لابتلاع الوطن العربي، ولم يعقهم بعد أيام قلائل من تاريخ التسليم لهم بتلك المساحات الشاسعة، عن الوثوب على شرق الأردن نفسها وعبور النهر إلى ضفته الشرقية، والاستيلاء على المنطقة المحيطة بمشروع كهرباء روتنبرع بقوات عسكرية مسلحة ما تزال مرابطة فيها، كما أن هذه الإيجابية لم تردع اليهود عن نقض الهدنة ومهاجمة البلاد كلها يوم وانتقاصها من أطرافها، والاعتداء عليها اعتداء منكراً وترويع أهلها، وما حادث مذبحة "قبية" وتدميرها عنا ببعيد. وهناك عبرة أخرى، وهي أن بعض الفلسطينيين الذي خدعهم دعاية الأعداء وأغرتهم بالإيجابية ونفرتهم من السلبية، وكذلك بعض المسؤولين في الدول العربية، قد طالبوا منذ بضع سنين بتنفيذ مقررات الأمم المتحدة بشأن فلسطين بما فيها من خير وشر، ومنها التقسيم، وما زالوا يلحون في الطلب. فهل استجابت لهم الأمم المتحدة في تنفيذ مقرراتها نفسها!؟ أن منظمة الأمم المتحدة تسيطر عليها الدول الاستعمارية الكبرى الضالعة مع اليهود الذين كانوا ولا يزالون سلبيين في كل ما لا يوافق أهواءهم، وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار. والحقيقة التي ينبغي لنا أن نوقن بها، هي أنه لا قيمة للسلبية ولا للإيجابية، ولا وزن إلا للقوة، فلنكن أقوياء: في أنفسنا، وتنظيمنا، ووسائلنا، وأقوياء في جميع مقومات حياتنا. وإذا كانت الأمة العربية خسرت هذه المعركة مع الاستعمار واليهود، فلم يكن سبب الفشل السلبية ولا الخطأ في الخطة والتقدير ولكن السبب الرئيسي هو الفرق الواسع والبون الشاسع بينها وبين خصومها في الجد والتصميم، والاستعداد والتنظيم.

سعي الإنجليز واليهود لتحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية

كيف شكلت بريطانيا الفيلق اليهودي؟

الهيئة العربية العليا عارضت في خروج العرب من فلسطين

السؤال الرابع:

أ- يتحدث الناس عن مشكلة اللاجئين، ولماذا خرجوا من بلادهم. فما هي الأسباب الأساسية لخروج الفلسطينيين من وطنهم، وهل للإنجليز واليهود، وخاصة الأعمال الإرهابية اليهودية علاقة بذلك؟ ب- ويقول بعض الناس بأن سماحتكم والهيئة العربية العليا طلبتم من أهل فلسطين الخروج من البلاد على أثر صدور قرار التقسيم في 29 نوفمبر 1947 وقيام الاضطرابات في فلسطين. فماذا تقولون في ذلك؟

الجواب:

المؤامرة الاستعمارية اليهودية على العرب:

ترجع الأسباب الحقيقية لخروج أهل فلسطين من بلادهم إلى المؤامرة الاستعمارية اليهودية المبيتة ضدهم، وقد سبقت الإشارة إلى بعض البراهين القاطعة على هذه المؤامرة. وقبل أن أسرد هذه الأسباب، أرى أن أعرض بالذكر لبعض مقدمات هذه المسألة: لقد كان هدف الإنجليز واليهود منذ البداية العمل على تحويل فلسطين العربية إلى دولة يهودية، ولم يكن تصريح بلفور وعبارة "الوطن القومي اليهودي" إلا تمهيداً لهذه الغاية، وتمويهاً على الرأي العام العربي والإسلامي، حتى يتم للسلبية البريطانية تحقيق الوسائل المقررة وفق الخطة المرسومة. وكان في مقدمة هذه الوسائل فتح أبواب فلسطين على مصاريعها لهجرة يهودية واسعة النطاق، إلى أن يكاثر اليهود العرب، ومن ثم يأخذون بالضغط عليهم لإخراجهم من البلاد. كما ظهر من أقوال القاضي "برانديز" الزعيم اليهودي الأمريكي الذي كان مستشاراً للرئيس ولسون في الشؤون اليهودية. فقد أعلن هذا في عام 1916م "أن القصد من طلب اليهود تسهيل الهجرة إلى فلسطين أن يصبح اليهود أكثرية السكان فيها، وأن يرحل العرب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير