تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فنجد في العراق يصدر علماؤها فتوى بأن أى شخص يقبل التقسيم يجب ألا يدفن في مقابر المسلمين، وأصدر علماء المسلمين فتوى بتحريم التنازل عن أى جزء، وكان من نص الفتوى: "نحن نعلن بما أخذ الله علينا من عهد وميثاق في بيان الحق أن الجهاد هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين، وأنه لا يجوز بحال من الأحوال الاعتراف لليهود بشبر من أراضى فلسطين، وليس لشخص أو جهة أن تقر اليهود على أرض فلسطين، أو تتنازل لهم عن أى جزء منها، أو تعترف لهم بأى حق فيها"، ووقَّع على الفتوى مجموعة من العلماء من جميع الدول العربية والإسلامية.

محاصرة الحاج أمين في بيته وذهابه إلى لبنان

حاول الإنجليز بكل الطرق اعتقال الحاج أمين الحسيني، فذهب الحاج أمين رأسًا إلى بيته بجوار الحرم القدسى الشريف معتقدًا أن الإنجليز لن يجرؤا على دخول الحرم الشريف، يعنى خرق حرمة الأماكن المقدسة؛ لأن ذلك سيثير المسلمين في كل مكان، ولكن الإنجليز كانوا مصممين على اعتقال الحاج أمين فقرروا أن يقوم بعض الجنود الهنود المسلمين العاملين في الجيش البريطاني بالقبض على المفتى وتسليمه لهم، وبذلك يتجنبوا غضبة المسلمين، وتسربت هذه الأنباء إلى المفتى فغادر المسجد الأقصى خوفًا من إثارة الفتنة بقتال المسلمين بعضهم لبعض إذا حاول هؤلاء الجنود الوصول إليه، ومن هنا قصد لبنان، ولكن حرس السواحل الفرنسى ألقى القبض عليه قرب بيروت، وطلب من حرس السواحل حق اللجوء السياسي، ولكن بعد الضغوط من الجانب الإنجليزى قرر الفرنسيون تحديد إقامة المفتى في بلدة «جوتية» اللبنانية، وذلك لأنها مسيحية كلها، بحيث يحدوا من نشاطه ضد الإنجليز، حيث إنه لم يتوقف عن مطاردتهم حتى وهو في منفاه.

المرحلة الرابعة- أثناء الحرب العالمية الثانية:

وفي أثناء الحرب العالمية الثانية حاول الحاج أمين استغلال دول المحور، حيث حاول أن يحصل منهم على اعتراف باستقلال البلاد العربية في حالة كسب الحرب مقابل تأييد نشاط دول المحور ضد الحلفاء، أي أنه حاول أن يأخذ من المحور وعدًا يشبه وعد بلفور، ولكن لمصلحة العرب، وكانت مقابلاته مع موسولينى في روما، وهتلر في ألمانيا تركز دائمًا على ذكر جملة «استقلال العرب التام» لكن ألمانيا بدأت تخسر الحرب تدريجيًا، وحاول المفتى الهرب إلى سويسرا، إلا أن الفرنسيين قبضوا عليه وفرضوا عليه الإقامة الجبرية في فرنسا، غير أنه تمكن من مغادرتها إلى القاهرة بعد أن مارست جماعة الإخوان المسلمين، وعلى رأسها الإمام الشهيد حسن البنا، وجماعة الشبان المسلمين وعلى رأسها محمد صالح حرب والاتحاد العام للجمعيات والهيئات الإسلامية بمصر وعلى رأسه عبد الواحد سبل، وغيرهم من الشخصيات السياسية والوطنية مثل: محمد على علوبة، وعبد الرحمن عزام، وعلى ماهر وغيرهم - مارس هؤلاء جميعًا ضغوطًا سياسية وشعبية حتى وافقت حكومة مصر على لجوئه رغم اعتراض بريطانيا على ذلك، وتمكن بعد ذلك من مغادرة فرنسا إلى القاهرة سرًا.

وهكذا ظل الحاج أمين يكافح الإنجليز واليهود قدر جهده في سوريا، وفي فلسطين وفي ألمانيا وإيطاليا تارة بالخطب والخطابات التحريضية، وتارة بقيادة التظاهرات، وتارة بالجهاد بالسلاح، يقول الأستاذ عبد الله عقيل: زرته في أواخر أيامه في بيروت مع بعض الإخوة الكويتيين والسورييين والمصريين، فوجدت هذا الشيخ المهيب والكهل الوقور يتوقد حماسًا يفوق حماس الشباب، ويعرض الأمور ويحلل الأحداث بعين الناقد البصير والسياسى المحنك، الخبير المجرب، وكانت وصيته ألا نقطع الأمل، وأن نبقى على العهد في مواصلة الجهاد.

ونقول مثلما قال الشيخ حلمى المحتسب: «ليت فلسطين تنجب أمينًا آخر».

المراجع

§ الحاج محمد أمين الحسينى - مفتى القدس دراسة في نشاطاته الإسلامية (1921 - 1937) تأليف د. تيسير جبارة - دار الفرقان ط1 - 1995م.

§ من أعلام الحركة الإسلامية - المستشار عبد الله العقيل - دار التوزيع النشر الإسلامية - ط1 - 2000م.

§ تاريخ فلسطين - تأليف د. تيسير يونس جبارة - دار الشروق للنشر والتوزيع عمان - الأردن - ط3 1998م.

§ الإمبريالية والصهيونية والقضية الفلسطينية .. د. تيسير موسى نافع.

§ فتاوى علماء المسلمين بتحريم التنازل عن أى جزء من فلسطين - مركز الإعلام العربى للأبحاث والمعلومات والنشر - القاهرة - ط1 - 1991م

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير